الاستحقاق ، وما استدلوا به من النشوز دليل عليهم ، لأن النشوز لما سقط ما في مقابلته من النفقة وجب أن يكون أعواز النفقة يسقط ما في مقابلته من الاستمتاع ، وأما استدلالهم أنها لا تفسخ بالماضي ولا بالمستقبل فصحيح والفسخ إنما هو بحال وقتها دون ما مضى وما يستقبل .
( فصل )
فإذا ثبت أن لها الفسخ إذا أعسر بنفقتها فلا فرق بين أن يعسر بالمد كله أو يعسر ببعضه حتى لو قدر على تسعة أعشاره وعجز عن عشرة كان لها الفسخ ، لأنه إعسار بمستحق في النفقة فإن أعسر بمد من حنطة وقدر على مد من شعير ، نظر ، فإن كانت في بلد يقتات فقراؤه الشعير لم تفسخ ، سواء جرت عادتها باقتيات الشعير أم لا ، وإن كانت في بلد لا يقتات فقراؤه الشعير كان لها الفسخ ، فإن قدر على قوتها وأعسر بأدمها . نظر ، فإن كان قوتاً اينساغ للفقراء أكله على الدوام بغير أدم لم تفسخ ، وإن كان لا ينساغ أكله على الدوام إلا بأدم فسخت ، فإن قدر على قوتها وأعسر بكسوتها فسخت ، لأنه لا يقوم بدنها إلا بكسوة تقيها من الحر والبرد .
( القول في الامتناع عن النفقة مع اليسار )
( فصل )
فإذا امتنع من النفقة عليها مع يسار لم يفسخ وباع الحاكم عليه من ماله ما يصرفه في نفقتها ، فإن لم يجد له مالاً حبسه حتى ينفق عليها كما يحبس من مطل بدين يقدر على أدائه ولو كان غائباً مفقوداً ولم يوجد له مال يصرف في نفقتها ففي استحقاقها لفسخ نكاحه بإعواز النفقة وجهان :
أحدهما : لها الفسخ لتعذر النفقة عليها .
والقول الثاني : وهو قول الأكثرين لا فسخ لها لوقوع الفرق بين مطل الموسر وإعواز المعسر والله أعلم .
( القول في وقت استحقاق النفقة )
( مسألة )
قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإذا وجد نفقتها يوماً بيوم لم يفرق بينهما ‘ .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأنه ليس يجب لها في اليوم أكثر من نفقتها ، فإذا أعطاها أياماً من كسب لم يجد فيه سواها فلا خيار لها ، وليس لها المطالبة بنفقة غده فلم يكن لها الخيار بعدمه ، ولو جاز لها المطالبة بنفقة الغد لجاز لها المطالبة بنفقة شهرها وسنتها ، وهذا شطط لا يستحق ، والوقت الذي تستحق فيه نفقة يومها هو أول أوقات التصرف فيه ، لأنها إن طالبته مع طلوع فجره خرجت عن العرف ، وإن أخرها