پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص410

( باب رضاع الخنثى )
( مسألة )

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ إن كان الأغلب من الخنثى أنه رجل نكح امرأة ولم ينزل فنكحه رجل فإذا نزل له لبن فأرضع به صبياً لم يكن رضاعاً يحرم وإن كان الأغلب أنه امرأة فنزل له لبن من نكاح أو غيره فأرضع صبياً حرم وإن كان مشكلاً فله أن ينكح بأيهما شاء وبأيهما نكح به أولاً أجزته ولم أجعل له ينكح بالآخر ‘ .

قال الماوردي : قد تكرر في كتابنا هذا ذكر الخنثى ، وذكرنا في كل موضع منه من أحكامه طرفاً والأصل فيه أن الله تعالى خلق الحيوان ذكوراً وإناثاً جمع بينهما في الشبه ليأنس الذكور بالإناث ، وفرق بينهما في آلة التناسل فجعل للرجل ذكراً وللمرأة فرجاً ليجتمعا على الغشيان بما ركبه في طباعهما من شهوة الاجتماع فيمتزج المنيان في قرار الرحم ، وهو محل العلوق ليحفظ بالتناسل بقاء الخلق فمن أفرده بالذكر كان رجلاً ، ومن أفرده بالفرج كان امرأة ، ومن جمع هذين العضوين الذكر والفرج فهو الخنثى سمي بذلك لاشتراك الشبهين فيه مأخوذ من قولهم : تخنث الطعام والشراب إذا اشتبه أمره فلم يخلص طعمه المقصود وشاركه طعم غيره ، ورجل مخنث لأنه شبه بالإناث في أقواله وأفعاله ، فإذا كان كذلك فقد جعل لكل واحد من عضوي الذكر والفرج منفعتين عامة وخاصة فالمنفعة العامة ، هي البول والمنفعة الخاصة هي غشيان التناسل ، فإذا اجتمع العضوان في الشخص الواحد فكان له ذكر وفرج لم يجز أن يكون ذكراً وأنثى ، ولم يجز أن يكون لا ذكراً ولا أنثى ، ولم يجز أن يكون بعضه ذكراً وبعضه أنثى لما في ذلك من خرق العادة التي ركبها في خلقه ، وحفظ بها تناسل العالم ووجب أن يكون ، إما ذكراً وإما أنثى ، وقد اشتبه الأمر في الجمع بين الذكر الدال على كونه رجلاً ، والفرج الدال على كونه امرأة ، فوجب أن يستدل عليه بالغالب الظاهر من منافعهما ، وهو البول فإن بال من الذكر كان رجلاً وكان الفرج عضواً زائداً ، وأجري عليه حكم الرجال في جميع أحواله ، وإن بال من الفرج كان امرأة وكان الذكر عضواً زائداً ، وأجرى عليها حكم النساء في جميع أحوالها ، لأن وجود منفعة العضو فيه دليل على أنه مخلوق له ، ولذلك لما سئل رسول الله ( ص ) في غلام ميت حمل إليه من الأنصار له ذكر وفرج فقال ورثوه من حيث يبول ، وهذا الخنثى غير مشكل ، وإن كان