الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص399
الرضاع فإن كان في مبادئ الحمل في وقت لا يخلق للحمل فيه اللبن ؛ لأن لبن الحمل يحدث عند الحاجة إليه ، وذلك في زمان يستكمل فيه خلقه ، ويجوز أن يولد فيه حياً فإن لم ينته الحمل إلى هذا الحد ، فالولد للأول وإن ثاب ونزل بعد انقطاعه بتهيج الجماع فيكون المرضع ابناً للأول دون الثاني ، وإن كان الحمل ، قد انتهى إلى وقت يجوز أن ينزل لمثله لبن لم يخل حينئذ لبن الحمل من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون حاله قبل الحمل لم يزد عليه فيكون لبنها للأول ، لأن الحمل لم يؤثر فيه ، وكذلك لو نقص لبنها بالحمل فيكون المرضع به ابناً للأول .
والقسم الثاني : أن يكون لبنها قد زاد بالحمل ، ولم ينقص ففيه قولان :
أحدهما : وبه قال في القديم أنه يكون اللبن للأول والثاني والمرضع به ابناً لهما ، لأن الزيادة في الحمل تكون مضافة إليه ، وحادثة عنه ، فامتزج اللبنان فصار كامتزاجه من امرأتين .
والقول الثاني : وبه قال في الجديد أن اللبن للأول ، والمرضع به ابناً له دون الثاني لأننا على يقين من بقاء اللبن من الأول في شك من الزيادة أن تكون للثاني لجواز حدوثها وبتهيج الجماع كحدوثها قبل الحمل ، وهذا اختيار المزني ، قال الشافعي ‘ وأحب له توقي بنات الثاني لجواز أن تكون الزيادة له ‘ .
والقسم الثالث : أن يكون لبنها قد انقطع ثم ثاب ونزل بالحمل ففيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه للأول والمرضع به ابناً له ، دون الثاني اعتباراً باليقين في بقاء لبنه وأنه مباح بالجماع فثاب ويستحب له أن لو توقى بنات الثاني .
والقول الثاني : أنه للثاني والمرضع به ابناً له دون الأول ، لأن الظاهر من حدوثه بالحمل أنه منه ويستحب أن لو توقى بنات الأول .
والقول الثالث : أنه لهما والمرضع به ابناً لهما وتحرم عليه بناتهما ، لأن احتمال الأمرين يوجب تساوي حكمهما ، وأن لا يختص بأحدهما .
فأما قول الشافعي ومن لم يفرق بين اللبن والولد قال هو للأول ومن فرق ، قال : هو بينهما جميعاً فقد اختلف أصحابنا في تأويله على وجهين :