الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص397
وإن قلنا بالقول الثاني أنه نسب إلى أحدهما فإذا انتسب إليه حرمت عليه بناته فصار محرماً لهن لثبوت الأخوة بينهم ، ولم يصر محرماً لبنات الآخر ، وفي تحريمه عليهن وجهان :
أحدهما : يحرم عليهن تغليباً لحكم الحظر قبل الانتساب .
والثاني : لا يحرمن لانقطاع النسب بينه وبينهن ، وإنما منع منهن ورعاً ، وهو الظاهر من كلام الشافعي .
وإن قلنا بالقول الثالث : إنه ينقطع عنه أبوة كل واحد منهما لم يصر محرماً لبنات واحد منهما وفي إباحة تزويجه بناتهما أربعة أوجه :
أحدها : أنه لا يحرم بنات واحد منهما لانقطاع الأبوة ، ويجوز له أن يجمع بين بنت كل واحد منهما ، وإنما يمنع من تزويجهما ورعاً لا تحريماً ، وهو ظاهر كلام الشافعي .
والوجه الثاني : أنه يحرم عليه بنات كل واحد منهما ، وإن لم يصر محرماً لها تغليباً لحكم الحظر المشتبه .
والوجه الثالث : وهو قول أبي إسحاق المروزي أن له أن يتزوج بنت أيهما شاء ، ولا يجمع بينهما وبين بنت الآخر ، فإذا فارقهما حل له نكاح بنت الآخر فجعله مخيراً في نكاح بنت كل واحد منهما ، ومنعه من الجمع بينهما .
قال : لأن الواحدة لا يتعين الحظر فيها ، وتعين في الشيئين فمنع من الجمع ولم يمنع من الانفراد ، وضرب بذلك مثالاً لرجلين رأياً طائراً فقال أحدهما : إن كان هذا الطائر غراباً فعبدي حر ، وقال الآخر : إن لم يكن غراباً فعبدي حر ، فطار ولم يعلم هل كان غراباً أو غير غراب لا عتق على واحد منهما لانفراد بمشكوك في عتقه فإن اجتمعا تعين عليه عتق واحد منهما لاجتماعهما في ملك .
والوجه الرابع : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أن له أن ينكح بنت أيهما شاء ، فإن نكحها حرمت عليه بنت الآخر كالمجتهد في إنائين من ماء إذا استعمل أحدهما حرم عليه استعمال الآخر والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا أرضعت المرأة بلبن ولادتها طفلاً ونفى الزوج ولدها باللعان انتفى عنه نسب المولود بلعانه ، وتبعه المرضع في نفيه ، لأن بنوة النسب أقوى من بنوة الرضاع فإذا انتفت بنوة النسب باللعان ، فأولى أن تنتفي بنوة الرضاع