پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص365

والثاني : أنه ليس ذلك نسخاً بخبر الواحد ، وإنما هو نقل نسخ بخبر الواحد ونقل النسخ بخبر الواحد مقبول فعلمت عائشة العشر ونسخها بالخمس فروتها ورجعت إلى الخمس ، وعلمت حفصة العشر ، ولم تعلم نسخها بالخمس فبقيت على الحكم الأول في تحريم الرضاع بالعشر دون الخمس ، ومن الدليل على ما ذهبنا إليه ما روي أن سهلة بنت سهيل بن عمرو كانت زوجة أبي حذيفة أتت رسول الله ( ص ) وقالت يا رسول الله : إن سالماً كنا نراه ولداً ، وكان يدخل علي وأنا فضل وقد نزل من التبني والحجاب ما قد علمت فماذا تراني ، فقال لها النبي ( ص ) ‘ أرضعيه خمساً يحرم بهن عليك ‘ ، ومنه دليلان :

أحدهما : قوله ‘ يحرم بهن عليك ‘ فلم يجز أن يحرم بما دونها لما فيه من إبطال حكمه في وقوع التحريم بالخمس .

والثاني : أن رضاع سالم حال ضرورة يوجب الاقتصار على ما تدعو إليه الضرورة ولو وقع التحريم بأقل منها لاقتصر عليه ، فإن قالوا : هذا وارد في رضاع الكبير ورضاعه منسوخ فلم يجز التعلق به ، فعنه جوابان :

أحدهما : أنه يشتمل على حكمين :

أحدهما : أنه رضاع الكبير .

والثاني : عدد ما يقع به التحريم ، ونسخ أحد الحكمين ، لا يوجب سقوط الآخر ، كما قال تعالى : ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت ) [ النساء : 15 ] فاشتملت على حكمين .

أحدهما : عدد البينة في الزنا .

والثاني : إمساكهن في البيوت إلى الموت حداً في الزنا ثم نسخ هذا الحد ، ولم يوجب ذلك سقوط عدد البينة .

والثاني : أن رضاع الكبير حرم عند جواز التبني ، لأن سلمة وأبا حذيفة تبنياً سالماً ، وكان التبني مباحاً ، وكانا يريان سالماً ولداً فلما حرم التبني ، ونزل الحجاب حرمه رسول الله ( ص ) بالرضاع عن تبنيه المباح ليعود به إلى التبني الأول فلما نسخ الله تعالى حكم التبني بقوله تعالى : ( أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آبائهم فاخوانكم في الدين ومواليكم ) [ الأحزاب : 5 ] سقط ما يتعلق به من رضاع الكبير ، لأن الحكم إذا تعلق بسبب ثبت بوجوده وسقط بعدمه فصار رضاع الكبير غير