الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص356
فدل هذا الخبر على أن المرضعة تكون أماً .
وروى محمد بن إسحاق : أنه كان في سبي هوازن الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى أخت رسول الله ( ص ) من الرضاعة فعيف بها حتى انتهت إلى رسول الله ( ص ) وهي تقول : أنا أخت رسول الله ( ص ) من الرضاعة فقال ، وما علامة ذلك قالت عضة عضضتها في ظهري وأنا متوركتك فعرف رسول الله ( ص ) العلامة وبسط لها رداءه وأجلسها عليه وخيرها بين المقام عنده مكرمة أو الرجوع إلى قومها ممتعة ، فاختارت أن يمتعها وترجع إلى قومها ففعل .
فدل هذا الخبر على أن بنت المرضعة أخت من الرضاعة فثبت من هذين الخبرين أنها كالنسب ، وإن لم يثبت حكم النسب إلى أن انزل الله تعالى ما بين به حكم الرضاع في تحريم المناكح تعظيماً لحرمته فقال ( حرمت عليكم أمهاتكم ) [ النساء : 23 ] إلى قوله ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ) فسمى المرضعة اماً وبنتها أختاً تأكيداً ، لما تقدمت به السنة من الاسم وزيادة عليها في الحكم وحرمتها كتحريم الأم ، لأنها أصل في حفظ حياته كما كانت الوالدة أصلاً في إيجاده ، وصارت بنت المرضعة أختاً كما كانت بنت الوالدة أختاً ، واقتصر على ذكرهما فاحتمل أن يكون تحريم الرضاع مقصوراً عليهما ، واحتمل أن يكون متعدياً عنهما إلى السبع المحرمات بالأنساب ، فجاءت السنة ببيان ما أريد بالكتاب ، فروى الشافعي عن مالك عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي ( ص ) قال : ‘ يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة ‘ .
وروى الشافعي عن سفيان عن ابن جدعان عن سعيد بن المسيب يحدث أن علي ابن أبي طالب قال : يا رسول الله هل لك في بنت عمك حمزة فإنها أجمل فتاة في قريش فقال : أما علمت أن حمزة أخي في الرضاعة ، وإن الله حرم من الرضاعة ما حرم من النسب .
فدل هذان الحديثان على أن تحريم الرضاعة كتحريم النسب فالذي يتعلق عليه من أحكام النسب حكمان :
أحدهما : تحريم المناكح لذكره في آية التحريم .
والثاني : ثبوت المحرم في إباحة النظر إليها والخلوة معها .
روي أن عائشة رضي الله تعالى عنها سألت رسول الله ( ص ) عن أفلح أخى أبي القعيس هل يدخل عليها ؟ وكانت امرأة أبي قعيس قد أرضعتها فقال : ‘ ليلج عليك ، فإنه معك من الرضاعة ) ) ، وقالت عائشة : يا رسول الله إني اسمع صوت رجل في منزلك