الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص350
قال الماوردي : قد ذكرنا حكم الحرة إذا استبرأت ، وحكم أم الولد إذا استبرأت ، وكذلك حكم الأمة إذا استبرأت لا يخلو حالها من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تظهر الريبة قبل استكمال الاستبراء ، فتكون محرمة على المشتري حتى تزول الريبة لجواز أن تكون أم ولد لغيره .
والقسم الثاني : أن تظهر الريبة بعد الاستبراء ، وبعد إصابة المشتري فلا ففي يحرم عليه إصابتها ، لأنها قد صارت له بالإصابة فراشاً .
والقسم الثالث : أن تظهر الريبة بعد الاستبراء ، وقبل إصابة المشتري ففي تحريمها عليه وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي العباس إنها محرمة عليه حتى يتيقن براءة رحمها .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي إنها حلال له ما لم يتيقن حملها .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا وجب استبراء الأمة على من استحدث ملكها حرم عليه في مدة الاستبراء وطؤها لأن الاستبراء هو اعتزال الوطء سواء ملكها عن شراء أو سبي ، فأما الاستمتاع بما عدا الوطء من القبلة والملامسة والتلذذ بما دون الفرج فمعتبر بحال الحمل إن ظهر بها هل تصير به أم ولد لمن كان مالكها ، فإن كانت تصير به أم ولد له ؛ لأنها مشتراة من مالك كانت له فراشاً أو موروثة عنه أو مستوهبة منه حرم عليه التلذذ بمباشرتها ، والنظر إليها لشهرة كما يحرم عليه وطئها لجواز أن تكون أم ولد لغيره ، وإن كانت لا تصير له أم ولد كالمسبية والحامل من زنا ففي تحريم التلذذ بمباشرتها وما دون الفرج منها وجهان :
أحدهما : يحرم تبعاً للوطء كالمشتراة من ذي فراش .
والوجه الثاني : لا تحرم ، لأن المشتراة تصير بالحمل أم ولد لغيره محرمة عليه بعد الولادة فحرمت قبلها ، والمسبية والزانية لا تصير بحملها أم ولد لغيره ، ولا تحرم عليه بعد الولادة ، وإنما يستبرئها في حق نفسه لئلا يختلط بمائة ماء غيره ، فإذا اجتنب الوطء حل له ما عداه ، وقد روي عن ابن عمر أنه قال : وقع في سهمي جارية من سبي جلولاء فرأيت لها عتقا كإبريق الفضة فما تمالكت أن قبلتها ، ولو كان ذلك محرماً لامتنع منه ولأنكره الناس عليه ، وهكذا إذا وطئت زوجة بشبهة ، ولزمها الاعتداد من وطئه حرم على زوجها وطؤها في عدة الشبهة ، وفي تحريم التلذذ بما دون الوطء