الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص295
فلم يجز أن يتداخلا مع اختلاف الجنس والحكم ، وهكذا لو زنا بكراً ثم زنا ثيباً ففي تداخل الحدين وجهان ، فعلى هذا إذا منع من تداخل هاتين العدتين لم يخل حالها في الحمل من أن ترى عليه دماً أو لا تراه ، فإن لم تر دماً انقضت عدة الطلاق بوضع الحمل وله ما لم تضع أن يراجع وعليه النفقة فإذا وضعت استأنفت عدة الوطء بثلاثة اقراء بعد النفاس ولم يكن له فيها رجعة ولا عليه فيها نفقة ، وإن كانت ترى على الحمل دماً فقد اختلف قول الشافعي ، هل يكون دمها على الحمل حيضاً أم لا على قولين :
أحدهما : وبه قال في القديم يكون دم فعاد ولا يكون حيضاً ، فعلى هذا تكون في حكم من لم تر على الحيض دماً في أن عدتها من الطلاق بوضع الحمل ومن الوطء بثلاثة أقراء بعد النفاس .
والقول الثاني : وبه قال في الجديد أن الدم على الحمل يكون حيضاً ، فعلى هذا تكون عدتها من الطلاق بوضع الحمل وعدتها من الوطء تكون بالأقراء التي على الحمل ولا يمتنع أن تعتد هذه الحامل بالأقراء التي على الحمل ، وإن لم تعتد غيرها به ، لأن على هذه عدتين إحداهما بالحمل فجاز أن تكون الأخرى بالأقراء التي على الحمل وغيرها ليس عليها إلا عدة واحدة فلم تعتد إلا بالحمل فإذا كان كذلك نظر فإن استكملت ثلاثة أقراء قبل وضع الحمل فقد مضت عدة الوطء وتصير هذا الموضع متقدمة على عدة الطلاق وتنقضي عدة الطلاق بوضع الحمل وله الرجعة ما لم تضع وعليه النفقة وإن وضعت حملها قبل استكمال ثلاثة أقراء أنقضت عدة الطلاق بوضعه ،
وسقطت عنه النفقة وبطلت الرجعة ولزمها أن تكمل بعد الوضع ما بقي من عدة الوطء ، وإن كان الحمل حدثاً بعد الوطء فعدة الطلاق بالأقراء وعدة الوطء بالحمل ، وفي تداخلهما مع اختلاف جنسهما ما ذكرنا من الوجهين :
أحدهما : يتداخلان ، فعلى هذا تنقضي عدتاها بوضع الحمل ، وله ما لم تضع الرجعة وعليه النفقة .
والوجه الثاني : لا يتداخلان ، فعلى هذا إن لم تر على الحمل دماً أو رأته ولم تجعله حيضاً انقضت عدتها من الوطء بوضع الحمل ، وتكون عدتها الوطء هاهنا متقدمة على عدة الطلاق ، فإذا وضعت حملها استكملت ما بقي من عدة الطلاق ، فإن كان الماضي منها قبل الوطء قرء أتت بقرأين ، وإن كان الماضي منها قرءان أتت بقرء واحد ، وله أن يرجعها في الباقي من أقراء الطلاق بعد الحمل ، وعليه فيه النفقة وفي مراجعتها ووجوب نفقتها قبل وضع الحمل وجهان :