پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص260

حنث ، وكذلك لو قال : والله لأسكنن هذه الدار ، فالبر يتعلق برحله ، وخدمه دون بدنه .

وقال مالك : وإن قال والله لاسكننها تعلق البر بنقل رحله وخدمه دون بدنه كما قال أبو حنيفة .

ولو قال : والله لأسكنن هذه الدار تعلق البر ببدنه دون رحله وخدمه كما قلنا ، والصحيح أن يكون المعتبر من الأيمان من العدة بنقله البدن دون الرحل والخدم لقول الله تعالى : ( ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم ) [ النور : 29 ] فأخبر أن بيوت المتاع غير مسكونة وقال تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام : ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي ذرع عند بيتك المحرم ) [ إبراهيم : 37 ] فأخبر بإقامتهم فيه مع خلوهم من رحلهم ومالهم فثبت أن الاعتبار بالبدن دون الرحل والمال ؛ ولأنه لما كان المسافر ببدنه دون ماله يزول عنه حكم المقام وتجري عليه صفة السفر من استباحة الرخص ، ولو أقام ببدنه دون ماله جرى عليه حكم الإقامة في حظر الرخص دل على اختصاص السكنى والانتقال بالبدن دون المال .

( فصل )

فإذا ثبت ما وصفنا من اعتبار الانتقال بالبدن دون الرحل والمال فطلقت بعد خروجها من الدار الأولى وقبل وصولها إلى الدار الثانية ففيه ثلاثة أوجه :

أحدها : وهو قول أبي إسحاق المروزي : عليها أن تعتد في الدار الثانية ؛ لأنها قد صارت هي المسكن .

والثاني : أنها بالخيار في أن تعتد في الأولى أو الثانية ؛ لأنها بينهما .

والوجه الثالث : أن يعتبر بالقرب فيرجع حكمه ، فإن كانت إلى الدار الأولى أقرب اعتدت فيها وإن كانت إلى الثانية أقرب اعتدت فيها ، ويشبه أن يكون قول أبي الفياض ، ولكن لو انتقلت ببدنها إلى الدار الثانية ثم عادت إلى الأولى لنقل رحلها فطلقها وهي فيها اعتدت في الثانية ؛ لأن عودها إلى الأرض لم يكن بمقام ونقلة فصارت كالمطلقة إذا دخلت دار جار لحاجة .

( فصل )

ولو طلقها في الدار الأولى واحدة ثم كمل طلاقها ثلاثاً في الدار الثانية عادت إلى الدار الأولى فأكملت فيها بقية العدة الأولى ؛ لأن أول عدتها من الطلاق المبتوت في الثانية من وقت الطلاق الرجعي في الأولى فلذلك لزمها الاعتداد فيها آخراً كما اعتدت فيها أولاً والله أعلم .

( مسألة )

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ ولو خرج مسافراً بها أو أذن لها في