الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص257
كالمبتوتة ، وفي سقوط نفقتها في الحالين دليل على سقوط سكناها في الحالين ولأنه لما سقط بالموت سكنى الأقارب لسقوط نققاتهم وجب أن يسقط به سكنى الزوجات لسقوط نفقاتهم .
واستدل من أوجب السكنى بما روته زينب بنت كعب بن عجرة أن الفريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد الخدري أخبرتها أنها جاءت رسول الله ( ص ) فأخبرته أن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه ، قالت : فسألت رسول الله ( ص ) : أن أرجع إلى أهلي في بني خدرة . فإنه لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة فقال رسول الله ( ص ) : نعم ، فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمر بي فدعيت له ، فقال : كيف ؟ فرددت عليه القصة فقال : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله . فاعتدت فيه أربعة أشهر وعشراً ؛ فلما كان عثمان 7 به عفان – رضي الله عنه – أرسل إلى وسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به ، فلو لم تستحق السكنى على الزوج لما أعادها إلى مسكن قد استعاره ولم يملكه .
فإن قيل : فكيف أذن لها في النقلة ثم منعها ففيها تأويلان :
أحدهما : أنه كان لسهو أسقط منه .
والثاني : أنه كان لاجتهاد نقل عنه .
فإن قيل : فعلى هذا يكون نسخاً والنسخ قبل الفعل لا يجوز .
قيل : إنما لا يجوز نسخه قبل زمان فعله ، ويجوز قبل فعله ، ولأن العدة إذا وجبت بموت الزوج تحصيناً لمائه وحفظاً لحرمته كانت أوكد من عدة الطلاق المختصة بتحصين مائة دون حرمته فاقتضى أن يكون بوجوب السكنى أحق من الطلاق .
وتحريره قياساً : أنها عدة من نكاح فوجب أن تستحق فيها السكنى كالطلاق ؛ ولأنها لما خصت بالسكنى في عدة الطلاق مع قدرة الزوج على نفي ولدها باللعان كان أولى أن يختص بالسكنى في عدة الوفاة مع عدم القدرة على نفي ولدها باللعان ؛ ولأن المغلب في عدة الوفاة التعبد ، والاستبراء تبع ، والمغلب في عدة الطلاق الاستبراء والتعبد تبع ، لأن غير المدخول بها تجب عليها عدة الوفاة ولا تجب عليها عدة الطلاق فلما وجب السكنى في الاستبراء كان أولى أن تجب في التعبد ؛ لأن حقوق الله أوكد ولفحوى هذا المعنى فرقنا بين النفقة والسكنى وبين سكنى الأقارب والزوجات والله أعلم .