الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص192
فهي ممنوعة من الأزواج مدة حملها حفظاً لمائة ، وجرى عليها حكم العدة لامتناعها من الأزواج في حقه .
أحدهما : أن يكون مخرج المني ملتحماً فهذا غير قادر على الإيلاج لجب ذكره وغير قادر على الإنزال لالتحام مخرجه فلا يلحق به الولد لعدم مائة ، وقد قال الله تعالى : ( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسباً وصهراً ) [ الفرقان : 54 ] . فإذا عدم الماء استحال الولد ، فإن طلق لم تعتد منه لعدم دخوله وإن مات اعتدت منه بالشهور دون الحمل كالصبي .
والضرب الثاني : أن يكون مخرج المني مفتوحاً ، فقد اختلف أصحابنا في لحوق الولد به على وجهين :
أحدهما : وهو قول اكثر أصحابنا أنه لا يلحق به ، لأن المني بسل الأنثيين قد بعد ولده بجب الذكر وقد قعد .
والوجه الثاني : وهو قول أبي سعيد الإصطخري ، وأبي بكر الصيرفي ، وأبي عبيدة بن حربوية انه يلحق به الولد ، لأن إنزاله من الظهور مجوز ، وإن كان مستبعداً والولد يلحق بالإمكان والجواز ، وقد حكي أن أبا عبيدة بن حربوية من أصحابنا قلد قضاء مصر فقضى في مثل هذا بلحوق الولد فحمله الخصي على كتفه ، وطاف به في الأسواق وقال : أنظروا هذا القاضي يلحق اولاد الزنا بالخدم ، فأما إن بقي إحدى أنثيي المجبوب لحق به الولد وجهاً واحداً سواء كان يمنى أو يسرى .
وقال بعض أصحابنا : إن بقيت اليسرى لحق به الولد وإن بقيت اليمنى لم يلحق به ، لأن اليسرى للمني ، واليمنى لشعر اللحية وهذا خطأ ، لأنه من قول الطب ولا يعول عليهم في أحكام الشرع ، وقد وجد في إنسان ذو خصية واحدة وكان ذا لحية وأولاد ، فإن كانت يمنى فقد ولد له وإن كانت يسرى فقد نبتت له لحية فعلم فساد هذا القول .
فإن قلنا : إن الولد لا يلحق به لم تنقض به العدة ولم يلزم إلا في الوفاة دون الطلاق بأربعة أشهر وعشر .
وإن قلنا : إنه يلحق به انقضت عدتها في الوفاة بوضعه ولم يلزمها في الطلاق عدة إلا أن تكون حاملاً فيجري عليها حكم العدة في المنع من الأزواج حتى تضع – والله أعلم – .