الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص150
والقول الثاني : أن نفيه بعد العلم به معتبر بالإمكان على الفور من غير تأخير ، لأن كل ما لزم بالسكوت فمدة لزومة معتبةر بالإمكان بعد علمه كالرد بالعيب والأخذ بالشفعة ، ولان كل خيار تعلق بالنكاح كان معتبرا بالفور كالخيار بالعيوب .
قال الماوردي : وهذا صحيح : إذا قيل : إن نفيه على الفور ، أو قيل إنه مؤجل في نفيه ثلاثا فمضت صار الخيار عند انقضائها على الفور ، والحكم في الحالين حينئذ واحد ، وإذا كان كذلك فالفور في نفيه معتبراً بثلاثة شروط .
الشرط الأول : العلم بولادته ، فإن لم يعلم به حتى تطاول به الزمان كان على نفيه فإن نوزع في العلم . لم يخل من أن يكون غائباً أو حاضراً فإن كان غائبا قبل قوله إنه لم يعلم ، وإن كان حاضرا لم يخل إما أن يكون معها في دار واحد أو في دارين ، فإن كانا في دار صغيرة لا يخفى ولادتها على من فيها لم يقبل قوله إنه لم يعلم ، وإن كان في دار تلتها ، نظر فإن شاع خبر ولادتها في الجيران لم يقبل قوله إنه لم يعلم لاستحالته وإن لم يشع الخبر في جيرانه قبل قوله في عدم العلم لإمكانه .
والشرط الثاني : أن لا يكون له عذر قاطع عن نفيه ، والأعذار القاطعة : أن يكون محبوساً ، أو مريضاً ، أو مقيماً على مريض لا يقدر على تركه أو مقيماً على حفظ مال يخاف من تلفه ، أو مستتراً في ذي سطوة يخاف ظلمه أو طالباً لضالة يخاف موتها أو مقيماً على إطفاء حريق ، أو استنقاذ غريق ، إلى غير ذلك من الأعذار التي يجوز معها ترك الجمعة . فلا يزمه الحضور معها ثم ينظر فإن قدر معها على مراسلة الحاكم بحاله فعل ، وإن قدر على الإشهاد على نفسه فعل ، وإن قدر عليهما أو على أحدهما فلم يفعل ما قدر عليه منهما لزمه الولد ، وإن لم يقدر على واحد منهما لم يلزمه ، وكان له نفيه .
والشرط الثالث : الإمكان من غير إرهاق يخرج عن العرف ، فإن كان ليلاً فحتى يصبح . وإن كان في وقت صلاة فحتى يصلي ، وإن حضر طعام فحتى يأكل وإن كان يلبس ثياباً بذله لا يلقى الحاكم بها فحتى يلبس ثياب مثله وإن كان ممن يركب فحتى يسرج مركوبه ، وإن كان له مال بارز فحتى يتحرز ماله ، فهذا كله وما شاكله معتبر في