الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص111
لأن قوله : زنيت يقتضي القذف في الحال ، وقوله : وأنت نصرانية يقتضي الإخبار عن تقدم حالها ، فصار الظاهر معها ، والذي أراه أن القول قوله مع يمينه ولا حد عليه لأنه لما وصل قوله : زنيت ، بقوله وأنت نصرانية كان أظهر احتمالية إضافة الزنا إلى النصرانية ليكون أحدهما تعلق بالآخر ، ولو استوى الاحتمالان لوجب أن تدرأ الحدود بالشبهات .
وأما الحال الثانية : وهو أن يعلم أنها لم تزل مسلمة فقد صار قاذفاً لها بالزنا ، ورامياً لها بالكفر ، فعليه الحد في قذفها إلا أن يلاعن وعليه التعزير في رميها بالنصرانية لأجل الأذى .
وأما الحال الثالثة : وهو أن يجهل حالها ، فلم يعلم هل كانت نصرانية أم لا ؟ فإنها تسأل فإن اعترفت بتقدم النصرانية كان على ما مضى إذا علم نصرانيتها وإن لم تعترف بالنصرانية وأنكرتها ، ففيه قولان :
أحدهما : أن القول قوله مع يمينه ويعزر ولا حد عليه ؛ لأن دار الإسلام تجمع الفريقين ، وجنب المؤمن حمى ، والحدود تدراً بالشبهات ، وله أن يلاعن في هذا التعزير لأنه تعزير قذف .
والقول الثاني : أن القول قولها مع يمينها أنها لم تزل مسلمة ويحد لها إلا أن يلتعن ؛ لأن الظاهر من دار الإسلام إسلام أهلها ، فجرى حكم الإسلام عليهم كما يجري حكم الإسلام على اللقيط إذا جهلت حاله .
أحدها : أن يعلم أنها أمة في الحال فيعزر لقذفها ولا يحد لنقصها عن حال الكمال ويلاعن من هذا التعزير ؛ لأنه تعزير قذف .
والحال الثانية : أن يعلم أنها حرة في الحال وأمة من قبل فيعزر تعزير قذف ولا يحد ، فإن اختلف في القذف فقالت : أردت به قذفي بعد الحرية وقال : أردت به قذفك قبلها ، فعلى قول أبي القاسم الداركي ، وأبي حامد الاسفراييني : القول قولها مع يمينها ويحد لها وعلى ما أراه وأصح القولين : أن القول قوله مع يمينه ويعزر ولا يحد .
والحال الثالثة : أن علم أنها لم تزل حرة ، فيحد لقذفها ولا يعزر لرميها بالرق ، وإن عزر لرميها بالكفر ؛ لأن الكفر اعتقاد يمكن حدوثه بعد الإسلام .
فصار في الرمي به معرة ، والرق لا يمكن حدوثه بعد الحرية في مسلم ، فلم يكن في الرمي به معرة فافترقا في التعزير لافتراقهما في المعرة .
والحال الرابعة : أن يجهل حالها في تقدم الرق مع تحقق حريتها في الوقت ففيه عند اختلافهما قولان :