پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص102

والثاني : أن معاريض الإقرار بالزنا لا تكون كصريح الإقرار بالزنا ، فكذلك معاريض القذف به ، ولو جاز أن يكون هذا الجواب قذفاً بالزنا لكان إقراراً بالزنا ، لأن قولها : أزنى مني يوجب اشتراكهما في الزنا وأن يكون هذا أبلغ في الزنا عملاً ، وهكذا يكون حال الزاني والزانية ، لأن الزاني فاعل والزانية ممكنة ، ومالك لا يجعلها مقرة فلزمه أن لا يجعلها قاذفة .

( فصل )

فإذا ثبت أن قولها : أنت أزنى مني كناية إذا كان جواباً ، لأنه يحتمل أنه ما وطئني غيرك فإن كنت زانية فأنت أزنى مني لأنك فاعل وأنا ممكنة ، فقد اختلف أصحابنا في الابتداء بهذا القول : هل يكون كناية كالجواب أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : يكون كناية كالجواب ، لأن أزنى صفة فاستوى في الابتداء والجواب .

والوجه الثاني : وهو قول أبي القاسم الداركي أنه يكون قذفاً صريحاً في الابتداء وكناية في الجواب ، لأنه يكون في الجواب رداً ، وفي الابتداء جرحاً ، كما يكون قولها : زنيت بك في الجواب كناية ، وفي الابتداء صريح ، وكذلك هذا .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ ولو قال أنت أزنى من فلانة أو أزنى الناس لم يكن هذا قذفاً إلا أن يريد به قذفاً ‘ .

قال الماوردي : وهاتان مسألتان :

إحداهما : أن يقول : أنت أزني من فلانة . قال الشافعي : لم يكن قذفا إلا أن يريد به قذفاً فجعله من ألفاظ الكنايات في زوجته وفي فلانة المشبه بها ، وتابعه أصحابنا على هذا الجواب .

وقالوا : يسأل الزوج وينوي فإن قال : أردت أنك أزنى من فلانة الزانية كان قافذاً لها ولفلانة وعليه لهما حدان ، وإن قال : أردت أنك أزنى من فلانة ، وليست فلانة زانية ، لم يكن قذفاً لهما جميعاً ، لأن التشبه تقتضي تساويهما في الصفة وقد نفى الزنا عن فلانة فصار منفياً عن الزوجة ، وإن لم يكن له إرادة لم يكن قذفاً ، لأن لفظ الكناية المنوي فيه يسقط حكمه مع عدم النية فهذا ما قاله الشافعي وتابعه أصحابنا على شرحه والصحيح عندي أنه يكون قذفاً صريحاً في زوجته ، وكناية في قذف فلانة ، أما كونه قذفاً صريحاً لزوجته فلأنه قد صرح فيها بلفظ الزنا وأدخل ألف المبالغة زيادة في تأكيد القذف كما دخلت ألف المبالغة في أكثر مبالغة في التعظيم ، فكانت إن لم تزده في هذا القذف شراً لم تفده خيراً .