پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص37

أحدهما : أنها لا تحل إلا بعد زوج ليكمل به عدد الطلاق المتقدم لأنه اضعف أحوال اللعان أن يكون كالطلاق .

والوجه الثاني : أنها تحل له قبل زوج إذا لم يستكمل الثلاث بطلاقه المتقدم لأن هذا اللعان لم يؤثر في الفرقة ، فلم يؤثر في التحريم ، ولو أثر لكان تأثير في تحريم التأبيد أولى .

( فصل )

فأما إذا قذف زوجته في حال نكاحها بزنا نسبة إلى أنه كان منها قبل نكاحها ، فقال : زنيت قبل أن أتزوجك فقد اختلف الفقهاء في جواز لعانه على وجهين : بناء على خلافهم في جواز لعانه بعد الفرقة ، فذهب أبو حنيفة : إلى جواز لعانه اعتباراً بحال القذف ؛ لأنه قذفها وهي زوجة لذلك منع من جواز اللعان بعد الفرقة ، وذهب الشافعي إلى أنه لا يجوز أن يلاعن اعتباراً بحال الزنا ، وأنها كانت غير زوجته ولذلك جوز اللعان بعد الفرقة فاعتبر الشافعي باللعان حال الزنا دون القذف ، واعتبر أبو حنيفة حال القذف دون الزنا استدلالاً بقوله تعالى : ( والذين يرمون أزواجهم ) [ النور : 6 ] فجاز أن يلتعن كل قاذف لزوجته ، ولأنه قاذف لزوجته فجاز لعانه كالزنا في الزوجية ، قال : ولأنه لما جاز أن يلاعن من الزنا الحادث في نكاحه لئلا يلتحق به ولد الزنا جاز في الزنا المتقدم أن يلاعن لهذا المعنى .

ودليلنا قوله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ) [ النور : 4 ] الآية ، وهذا في الزنا الذي رميت به أجنبية فحد ولم يلتعن ، ولأنه قذف بزنا هي فيه أجنبية منه فلم يجز أن يلاعن به كما لو لم يتزوجها ، ولان أصول الشرع مستقرة على أن حد القذف معتبر بحال الزنا لا بحال القذف . ألا ترى لو قال لمعتق : زنيت قبل عتقك ، ولبالغ : زنيت قبل بلوغك ، ولمسلم : زنيت قبل إسلامك ، لم يحد القاذف اعتباراً بحال الزنا دون حال القذف ، وكذلك في اللعان بالقذف فأما الاستدلال بالآية ففيما ذكرناه من الاعتبار بحال الزنا دون القذف دليل على أنه قاذف بالزنا لغير زوجته فلم يكن فيها دليل .

وأما قياسهم على الزوجية ، فالمعنى في الزوجة ضرورته إلى قذفها لرفع المعرة ، ونفي النسب وليس كذلك هذه ، لأنه لا معرة عليه ، ولا ضرر يلحقه فيما لم يكن في نكاحه . وأما قولهم : أنه قد يلحق به ولدها من الزنا المتقدم إذا وضعته لستة أشهر من وقت عقده فاضطر إلى قذفها والتعانه منها ، فقد اختلف أصحابنا في جواز التعانه منها إن كانت ذات ولد على وجهين :

أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة يجوز حينئذ للضرورة أن يلاعن لأنه