پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص35

قيل : لأن اختلاف المعنى فيهما يوجب وقوع الفرق بينهما ، وهو أن اللعان موضوع لرفع المعرة ونفي النسب ، وذلك موجود قبل الرجعة كوجوده بعدها ، وكفارة الظهار تجب بالعود الذي هو استباحة الوطء ، ومدة الإيلاء يعتد بها إذا أمكن الوطء فيها ، وذلك لا يكون قبل الرجعة وإنما يكون بعدها ، فلذلك افترقا .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولو بانت فقذفها بزنا نسبه إلى أنه كان وهي زوجته حد ولا لعان إلا أن ينفي به ولداً أو حملاً فيلتعن فإن قيل فلم لاعنت بينهما وهي بائن إذا ظهر بها حمل ؟ قيل كما ألحقت الولد لأنها كانت زوجته فكذلك لاعنت بينهما لأنها كانت زوجته ألا ترى أنها إن ولدت بعد بينونتها كهي وهي تحته وإذا نفى رسول الله ( ص ) الولد وهي زوجة فإذا زال الفراش كان الولد بعد ما تبين أولى أن ينفى أو في مثل حاله قبل أن تبين ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا بانت منه زوجته إما بالطلاق الثلاث ، وإما بالخلع ، وإما بالفسخ ، وإما بطلاق رجعي لم يراجع فيه حتى انقضت العدة فصارت بهذه الأمور بائناً ، ثم قذفها بزنا نسبة إلى أنه كان منها وهي زوجته فالحد عليه واجب ، واختلف الناس في جواز لعانه منها على ثلاثة مذاهب :

أحدهما : وهو قول عثمان البتي : له أن يلاعن سواء أراد أن ينفي به نسباً أو لم يرد .

والمذهب الثاني : وهو قول أبي حنيفة ليس له أن يلاعن ، سواء أراد أن ينفي به نسباً أو لم يرد . وبه قال الأوزاعي ، وأحمد بن حنبل ،

والمذهب الثالث : وهو قول الشافعي إن أراد أن ينفي به نسباً كان له أن يلاعن ، إن لم يرد أن ينفي به نسباً لم يكن له أن يلاعن ، فأما عثمان البتي ، فاستدل على جواز اللعان في الحالين بأنه قذف مضاف إلى الزوجية فجاز اللعان منه قياساً على نفي النسب ، وأما أبو حنيفة فاستدل على منعه من اللعان في الحالين : بأنه قذف صادف أجنبية فلم يجز أن يلاعن منه كالحائل .

والدليل على ما قاله الشافعي من جوازه لنفي النسب والمنع منه في عدمه ، أن اللعان موضوع للضرورة الداعية إليه في إحدى حالتين ، إما لمعرة بزناها في نكاحه ، وإما لنفي نسب من لا يلحق به .

والثاني : قد زال عارها عنه ، ولم ينف ولدها عنه ، فلذلك جاز أن يلاعن مع وجود النسب للضرورة الداعية إلى نفيه ولم يجز أن يلاعن مع عدم النسب لزوال