الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص35
قيل : لأن اختلاف المعنى فيهما يوجب وقوع الفرق بينهما ، وهو أن اللعان موضوع لرفع المعرة ونفي النسب ، وذلك موجود قبل الرجعة كوجوده بعدها ، وكفارة الظهار تجب بالعود الذي هو استباحة الوطء ، ومدة الإيلاء يعتد بها إذا أمكن الوطء فيها ، وذلك لا يكون قبل الرجعة وإنما يكون بعدها ، فلذلك افترقا .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا بانت منه زوجته إما بالطلاق الثلاث ، وإما بالخلع ، وإما بالفسخ ، وإما بطلاق رجعي لم يراجع فيه حتى انقضت العدة فصارت بهذه الأمور بائناً ، ثم قذفها بزنا نسبة إلى أنه كان منها وهي زوجته فالحد عليه واجب ، واختلف الناس في جواز لعانه منها على ثلاثة مذاهب :
أحدهما : وهو قول عثمان البتي : له أن يلاعن سواء أراد أن ينفي به نسباً أو لم يرد .
والمذهب الثاني : وهو قول أبي حنيفة ليس له أن يلاعن ، سواء أراد أن ينفي به نسباً أو لم يرد . وبه قال الأوزاعي ، وأحمد بن حنبل ،
والمذهب الثالث : وهو قول الشافعي إن أراد أن ينفي به نسباً كان له أن يلاعن ، إن لم يرد أن ينفي به نسباً لم يكن له أن يلاعن ، فأما عثمان البتي ، فاستدل على جواز اللعان في الحالين بأنه قذف مضاف إلى الزوجية فجاز اللعان منه قياساً على نفي النسب ، وأما أبو حنيفة فاستدل على منعه من اللعان في الحالين : بأنه قذف صادف أجنبية فلم يجز أن يلاعن منه كالحائل .
والدليل على ما قاله الشافعي من جوازه لنفي النسب والمنع منه في عدمه ، أن اللعان موضوع للضرورة الداعية إليه في إحدى حالتين ، إما لمعرة بزناها في نكاحه ، وإما لنفي نسب من لا يلحق به .
والثاني : قد زال عارها عنه ، ولم ينف ولدها عنه ، فلذلك جاز أن يلاعن مع وجود النسب للضرورة الداعية إلى نفيه ولم يجز أن يلاعن مع عدم النسب لزوال