الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص27
يكون من حقوق الآدميين الموروثة كالقصاص ؛ ولأنه حق لا يستوفيه الإمام إلا بالمطالبة فوجب أن يكون موروثاً كالأموال ، ولأنه لو قذفت أمة بعد موتها وجب له الحد على قاذفها ، وقذفها في الحياة أغلظ فكان بأن يستحق بعد الموت أجدر .
فأما الجواب عن استدلاله بأنه لا يرجع إلى مال ، فهو أن الحقوق تتنوع فتكون تارة في مال ، وتارة على بدن ، ولو اختص الآدميين بالمال دون البدن لاختص حق الله تعالى بالبدن دون المال ، وحقوق الله تعالى تجمع الأموال والأبدان ، فكذلك حقوق الآدميين ، وإن كان الكلام معه في أنه من حقوق الآدميين قد مضى .
وأما الجواب عن قوله : أنه في مقابلة الزنا لتنافي اجتماعهما ، فهو أن تنافى اجتماعهما يوجب تنافي حكمهما ولا يوجب تساويه ، وعلى أن أبا حنيفة قد ناقض في الجمع بينهما حيث أسقط حد الزنا بموت الزاني ، وأسقط القذف بموت المقذوف ، وحقوق الله تعالى تسقط بموت من وجبت عليه ولا تسقط بموت غيره .
أحدها : أنه يستحق جميع الورثة بالأنساب والأسباب من الذكور والإناث كالأموال .
والوجه الثاني : أنه يستحقه الورثة بالأنساب من الذكور والإناث دون الورثة بالأسباب كالزوج والزوجة ، لارتفاع سبب الزوج والزوجة بعد الموت فصارا بانقطاع السبب كالأجانب .
والوجه الثالث : وهو قول أبي العباس بن سريج أنه يستحقه ذكور العصبات دون إناثهم ، لأنهم أخص بدخول العار عليهم ، كما يختصون لأجل ذلك بالولاية على النكاح .
وقال أبو الحسن بن القطان : حد القذف يتبعض فيستوفي منه بقدر ميراثه ولا يستوفي جميعه ، وهذا خطأ ؛ لأن نفي المعرة إنما يكون بحد مقدر فامتنع تبعيضه .