الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص23
لأن وجوب الحد مشروط بصحة العقل وذلك محتمل ، فصارت شبهة في إدرائه .
والقول الثاني : أن القول قول المقذوف مع يمينه اعتباراً بالأصل في الصحة ، ويحد القاذف إلا أن يكون زوجاً فيلاعن ، وهذا قول مخرج واختلف أصحابنا في تخريجه .
فقال أبو حامد الإسفراييني هو مخرج اختلاف قوليه في قطع الملفوف في ثوب إذا ادعى قاطعه أنه كان ميتاً ، وأدعى وليه أنه كان حياً .
وقال ابن سراقة : هو مخرج من اختلاف قوليه في اللفظ إذا قذف وادعى أنه عبد .
والفرق بين أن يقر بالقذف من غير بينة ويدعي فيه ذهاب العقل فيقبل قولاً واحداً ، وبين أن يدعيه بعد قيام البينة عليه فلا يقبل في أحد القولين ، أن البينة قد تقررت بشهادة توجب الحد والإقرار له بتجرد عن دعوى تسقط الحد والحدود تدرأ بالشبهات بخلاف الحقوق والله أعلم .
قال الماوردي : الخرس على ضربين :
أحدهما : أن يكون من أصل الخلقة .
والثاني : أن يكون لعلة ، فإن كان من أصل الخلقة موجوداً مع الولادة ، فهذا مستقر لا يرجى زواله فيكون هذا الأخرس في الأحكام المتعلقة بأقواله معتبرا بها حال الإشارة ، فإن كان غير مفهوم الإشارة ، ولا مقروء الكتابة لم يصح منه عقد ولا قذف ولا لعان ، وإن كان مفهوم الإشارة ، مقروء الكتابة صحت عقوده اتفاقاً .
واختلف في صحة قذفه ولعانه ، فذهب الشافعي إلى صحة قذفه بالإشارة ولعانه بها .
وقال أبو حنيفة : لا يصح منه قذف ولا لعان ، واستدل على بطلان قذفه بأن الإشارة كناية . والقذف لا يثبت بالكنايات واستدل على أن لعانه لا يصح بأن اللعان عنده شهادة ، والشهادة لا تصح من الأخرس .