الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص20
لأكثر من عشر سنين لستة أشهر فصاعداً الحق به الولد ، لأن العشر سنين أقل زمان الاحتلام ، والستة أشهر اقل مدة الحمل ، فصار لحوقه ممكنا ، والأنساب تلحق بالإمكان ، وإن ولدته لأكثر من عشر سنين . وأقل من ستة أشهر بعدها لم يلحق به ، لأن العلوق يصير لأقل من عشر سنين فلذلك انتفى عنه ، كمن ولدته لأقل من عشر سنين ، وهذا وإن لم يصرح به الشافعي فهو معلوم من أصول مذهبه فلذلك أطلقه فلو مات الزوج لم تنقض عدتها بوضعه لنفيه عنه ، واعتدت بأربعة أشهر وعشراً . وإذا لحق به الولد لعشر سنين وستة أشهر لم يكن له أن يلاعن لنفيه حتى يبلغ ، فإن قيل : فكيف جعلتموه في حكم البلوغ في لحوق الولد به ، ولم تجعلوه في حكم البلوغ في اللعان ؟ . ومن الممتنع أن يجري عليه حكم البلوغ في شيء دون شيء . قيل : الفرق بين لوحق الولد ولنفيه من وجهين :
أحدهما : أن لحوق الولد معتبر بالإمكان ، وقد يمكن أن يكون بالغاً فألحقناه ، ونفي الولد معتبر باليقين ، ولسنا على يقين من بلوغه فمنعناه من نفيه .
والثاني : أن لحوق الولد به حق عليه فألحقناه به مع الإمكان ، ونفي النسب حق له . فلم يستبح نفيه بالإمكان .
وإما بأن يدعي الاحتلام فيحكم ببلوغه ويقبل قوله فيه كما يقبل قول المرأة في حيضها . فإذا نفاه باللعان بعد بلوغه انتفى عنه ، ولو مات قبل أن يلاعن منه ثبت نسبه ولم يكن لورثته أن يلاعنوا عنه لأن اللعان لا يصح إلا من زوج يملك الطلاق ، ولو وضعت الولد بعد موته انقضت عدتها بوضعه ، كذلك لو وضعته بعد لعانه ؛ لأنه لو استلحقه في انقضاء العدة بعد اللعان لحق به ، ولو استلحق المولود لأقل من عشر سنين لم يلحق به فافترقا في انقضاء العدة .
وقال الشافعي في بعض كتبه ، وحكاه ابن القطان عنه أنه إذا مات قام ورثته مقامه ، ولم يرد به في اللعان ، وإنما أراد به مسألة مخصوصة وهو أن ينكر الزوج ولادتها له ، ويقول التقطية ولم تلدية فيكون القول قوله مع يمينه حتى تقيم البينة على ولادته ، فلو مات الزوج قبل أن يخلق قام ورثته مقامه في أن يحلفوا أنها لم تلده ، فإن نكلوا حلفت على ولادته ولحق بالزوج ، فإن نكلت ففي وقوف اليمين على بلوغ الولد وجهان مضيا في مواضع تقدمت .