الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص250
[ الحجر : 39 ، 40 ] . فاستثنى المخلصين المؤمنين ، ونفى الكافرين ثم قال بعدها : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ) [ الحجر : 42 ] . فاستثنى الغاوين من الكافرين وبقي المؤمنين ، ولا بد أن يكون أحدهما اكثر من الآخر على أن الكفار اكثر لقوله : ( ولا تجد أكثرهم شاكرين ) [ الأعراف : 17 ] . فدل على جواز الاستثناء الأكثر وقال الشاعر .
فاستثنى تسعين من مائة وهي الأكثر .
ولو قال : أنت طالق ثلاثاً إلا واحدة اثنتين ، طلقت واحدة لبقائها بعد الاستثناء للاثنتين ، ولو قال : أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً ، طلقت ثلاثاً لإيقاعها بعد استثنائها ولو قال : أنت طالق خمساً إلا ثلاثاً . ففيه وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنها تطلق ثلاثاً ، لأنه لا يملك من الطلاق إلا ثلاثاً ، والزيادة عليها من الخمس لغو فصار كأنه قال : أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً ، فطلقت ثلاثاً .
والوجه الثاني : وقد حكاه البويطي عن الشافعي أنها تطلق اثنتين ، لأن الخمس لغواً إذا لم يتعقبها استثناء ، فأما مع الاستثناء فلا تكون لغواً لأن الباقي هو المقصود ، فخرجت عن حكم اللغو ، فعلى هذا لو قال : أنت طالق خمساً إلا اثنتين ، طلقت على الوجه الأول واحدة لعود الاستثناء إلى الثلاث ، وعلى الوجه الثاني : تطلق ثلاثاً لعود الاستثناء إلى الخمس . ولو قال : أنت طالق اربعاً إلا اثنتين ، طلقت على الوجه الأول واحدة ، وعلى الوجه الثاني اثنتين ، ولكن لو قال : أنت طالق ستاً إلا ثلاثاً ، طلقت ثلاثاً على الوجهين ، لأن الاستثناء إن عاد إلى الست فقد أبقى ثلاثاً ، وإن عاد إلى الثلاث فقد استثنى جميعها فلم يصح .