الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص158
الزوج ، فقيل لها : إنها طالق ، ولم يقل للزوج : إنه طالق ، وجب أن يختص حكم الطلاق بالزوجة دون الزوج ، فتقع الفرقة بالطلاق عليها ولا تقع بالطلاق عليه ، لأن ثبوت الحكم يقتضي ثبوت الاسم ، وانتقاء الاسم يقتضي انتفاء الحكم كما أن انتفاء اسم الزوجية يوجب انتفاء حكمها وثبوت اسمها يوجب ثبوت حكمها ، قال : ولأن الزوج لو كان محلا لوقوع الطلاق عليه ، لكان صريح الطلاق فيه صريحاً ، ولكان حكمه به متعلقاً فلما انتفى عنه صريح الطلاق ، ولم تجب عليه العدة من الطلاق ، دل على أنه ليس بمحل للطلاق كالأجنبي ، ولأن قوله لزوجته : أنا طالق منك ، كقوله لعبده : أنا حر منك ، فلما لم يكن هذا عتقاً ، لم يكن هذا طلاقاً ، قال : ولأن الطلاق هو الإطلاق من الحبس ، والزوجة محبوسة عن الأزواج . فجاز أن يقع عليها الطلاق والزوج غير محبوس بها عن الزوجات ، لم يجز أن يقع عليه الطلاق .
ودليلنا ما روي عن عبد الله بن مسعود ، سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن وقوع الطلاق على الزوج فقال عمر : كيف ترى أنت ، فقال : أرى أنها واحدة ، وزوجها أحق بها ، فقال عمر – رضي الله عنه – نعم ما رأيت ، فدل ذلك على إجماعهما على أن وقوع الطلاق على الزوج كناية فيه ، ولأنه أحد الزوجين ، فجاز أن تقع الفرقة ، بوقوع الطلاق عليه كالزوجة ، ولأن ما صلح أن تقع به الفرقة إذا وقع على الزوجة ، جاز أن تقع به الفرقة إذا وقع على الزوج ، كالتحريم والبينونة ، ولأن من صح إضافة كناية الطلاق إليه صح إضافة صريحة إليه ، كالزوجة طرداً وكالأجنبية عكساً .
والاستدلال من هذا الأصل هو : أن صريح الطلاق أقوى من كنايته ، فلما وقعت الفرقة بكناية الطلاق في الزوج كان وقوعها بصريحة بها أولى .
فأما استدلاله بحيث ابن عباس ، فقد خالف عمر وابن مسعود ، وقول الاثنين أقوى من قول الواحد . وأما استدلاله بانتفاء الاسم عن الزوج أوجب انتفاء حكمه فباطل بقوله : أنا بائن منك ، وحرام عليك ، على أن حكم الطلاق متعلق بكل واحد من الزوجين وإن اختص أحدهما بالاسم .
وأما استدلاله بأنه لما لم يكن صريح الطلاق فيه صريحاً ولا وجب عليه العدة لم يكن محالاً له . فالجواب عنه انه لما لم يكن في حقيقته صريحاً . لأن الصريح ما اقترن به عرف الاستعمال عندهم وعرف القرآن عندنا ولم يتناول جهة الزوج عرف الاستعمال وعرف القرآن ، فكان صريحاً ، وقد تناوله في جهة الزوجة عرف الاستعمال وعرف القرآن فكان صريحاً .
وأما العدة فهي الامتناع من الأزواج والزوجة ممنوعة من ذلك ، في حال الزوجية