پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص85

أحدهما : أن يكون على طلاق ناجز بعوض الذمة ، كأنه طلق زوجة واحدة على ألف درهم في ذمتها ، فقد صارت الألف ديناً في ذمتها بعد وقوع الطلاق ، وعليها فلا يجوز لها أن تدفع الألف إليه ، لأنه بالحجر ممنوع من قبض ماله ، ويدفعها إلى وليه لقبض ماله ، فإن دفعت الألف إليه لم تبرأ منها إلا أن يبادر الولي إلى قبضها سنة فتبرأ حينئذ منها ، بأخذ الولي لها فإن لم يأخذها الولي منه حتى تلفت من يده كانت تالفة من مال الزوجة ، وعليها أن تدفع إلى الولي ألفاً ثانية ، وليس لها أن ترجع على السفيه بالألف التي استهلكها ما كان الحجر باقياً عليها ، فإن فك حجره بحدوث رشده لم يجب عليه غرمها حكماً ، وفي وجوب غرمها عليه فيما بينه وبين الله تعالى وجهان ذكرناهما في كتاب الحجر .

( فصل : )

والضرب الثاني : من خلعه أن يكون على طلاق مقيد بالدفع مثل أن يقول لزوجته : إن دفعت إلي ألف درهم فأنت طالق فيجوز للزوجة أن تدفع ذلك إليه ، ولا تدفعه لوليه بخلاف ما كان في الذمة من وجهين :

أحدهما : أنه قد كان مالكا لما في الذمة قبل الدفع لا يملك هذا إلا بالدفع .

والثاني : أنها لو دفعت هذا إلى الولي لم تطلق ، لأن الطلاق معلق بالدفع إليه ، وما في الذمة قد تقدم عليه وقوع الطلاق ، فافترقا من هذين الوجهين ، وإن كان كذلك ودفعت إليه ما طلقها عليه لم تضمنه ، لأنه ما تعلق بذمتها ، ولا ملكه إلا بأخذه منها ، وعلى الولي أن يبادر إلى أخذه ، فإن لم يأخذه حتى تلف فلا غرم فيه ولا رجوع ببدله .

( مسألة : )

قال الشافعي : ( وما أخذ العبد بالخلع فهو لسيده فإن استهلكا ما أخذا رجع الولي والسيد على المختلعة من قبل أنه حق لزمها فدفعته إلى من لا يجوز لها دفعه إليه ) .

قال الماوردي : هذا صحيح ، وخلع العبد جائز ، وإن كان بغير إذن السيد ، لأنه لما جاز طلاقه بغير إذنه كان خلعه أجوز وهو ضربان :

أحدهما : أن يكون الطلاق فيه مقيداً بالدفع إليه كقوله : إن دفعت إلي ألفا فأنت طالق ، فيجوز أن تدفع إليه ألفاً ليطلق بها ، ويجوز له قبضها ، لأن يملكها ولا ضمان عليها ، لأنه لم يتعلق بذمتها وللسيد أن يأخذها من عبده ، لأنها من كسبه ، فإن لم يأخذها منه حتى تلفت في يده فهي تالفة من مال السيد ولا رجوع له ببدلها .

والضرب الثاني : أن يكون طلاق خلعه ناجزاً بمال في ذمتها كقوله : أنت طالق على ألف درهم عليك ، فلا يخلو حال العبد في ذلك مع سيده من ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يأذن له في قبضها فيجوز له قبضها ، وتبرأ الزوجة منها بدفعها إليه .