الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص84
بإذن السيد : فذهب أكثرهم إلى أنه على قولين كالهبة ، لأنه ليس الاستهلاك بالخلع أغلط من الاستهلاك بالهبة ، بل هو أحسن حالاً ، لأنها قد تملك به البضع ، ولا تملك بالهبة شيئاً على أصح قوليه في سقوط المكافأة .
وقالت طائفة منهم : إن خلعها باطل مع إذن السيد وإن كانت هبتها بإذنه على قولين . وفرقوا بينهما بأن ما يعود من مكافأة الهبة وامتنانها راجع إلى السيد ، وما يعود بالخلع من ملك البضع يكون للمكاتبة فافترق إذن السيد فيهما لافتراقهما في عود كل واحد منهما ، والطريقة الأولى أصح ، وليس لهذا الفرق وجه ، ولو قلب كان أولى لما ذكرنا .
والفرق بينهما أن الحجر على المكاتبة في قدر المال ، وليس عليها حجر في أعيانه ، لأن لها نقل الأعيان من عين إلى عين ، فلذلك جاز خلعها بعد الإذن بكل عين ، والحجر على الأمة واقع في قدر المال ، وفي أعيانه ، وليس لها نقل عين إلى عين ، فلم يجز أن تعدل في الخلع من عين إلى عين .
وإن قلنا : إن الخلع لا يصح من المكاتبة بإذن السيد ، وغير إذنه كانت فيه كالأمة إن خالعته على مال في ذمتها أدته بعد عتقها ، وإن خالعته على عين بيدها ، نظر في طلاق الزوج لها فإن كان مقيداً بها لم تطلق ، وإن كان ناجزاً طلقت ، وكان فيما يرجع عليها بعد العتق قولان :
أحدهما : مهر المثل .
والثاني : مثل ما خالعت به إذا كان له مثل وقيمته إن لم يكن له مثل .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، طلاق السفيه واقع ، وخلعه جائز .
وقال أبو يوسف : لا يقع طلاقه ولا يصح خلعه ، وبه قال ابن أبي ليلى ، وقد مضى الكلام معها على وقوع طلاقه في كتاب الحجر وإذا صح وقوع طلاقه صح جواز خلعه ، لأنه لما جاز طلاقه بغير عوض كان بالعوض أجوز ، وإذا كان خلعه جائزاً فهو على ضربين :