الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص77
والضرب الثاني : أن يرتدا عن الإسلام بعد سؤالهما في الحال ، وقبل الطلاق فيطلقهما الزوج في الحال بعد الردة من غير تراخ لسؤالهما فهذا على ضربين :
أحدهما : أن تكون الزوجتان غير مدخول بهما ، فقد بانتا بالردة والطلاق بعدها غير واقع عليهما ، فلا يلزمهما شيء أقامتا على الردة أو عادتا إلى الإسلام ، لأن غير المدخول بها تبين بالردة في الحال .
والضرب الثاني : أن يكونا مدخولاً بهما بوقوع الطلاق عليهما موقوف على ما يكون من إسلامهما في العدة ، ولأن نكاح المرتدة موقوف على إسلامها في العدة ، وإذا كان كذلك فهما ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يسلما معاً قبل انقضاء عدتهما فالطلاق واقع عليهما ، لأن الإسلام في العدة قد رفع سابق الردة ، وصادف الطلاق نكاحاً ثابتاً فوقع بائناً ، وكان له عليهما الألف على ما تقدم بيانه .
والحال الثانية : أن يتأخر إسلامهما من الردة حتى تنقضي العدة ، فالطلاق غير واقع لارتفاع النكاح بالردة ، فصادف وقوع الطلاق غير زوجة ، فلم يقع ، وإذا لم يقع فالألف مردودة عليهما .
والحال الثالثة : أن تسلم إحداهما قبل العدة ، وتقيم الأخرى على ردتها إلى انقضاء العدة ، فالتي أسلمت قبل العدة يقع الطلاق بائناً عليها ويلزمها من الألف ما بيناه إن سمت منها قدراً لزمها المسمى ، وإن لم تسم منها شيئاً فعلى ما مضى من القولين :
أحدهما : قسط مهر مثلها من الألف .
والثاني : مهر مثلها ، وتكون عدتها من وقت الطلاق .
فأما المقيمة على الردة إلى انقضاء العدة فلا طلاق عليها ، ولا شيء له ، وعدتها من وقت الردة ، فلو اختلفا مع الزوج في إسلامهما من الردة هل كان قبل العدة أو بعدها ؟ فادعاه الزوج قبل العدة ليقع طلاقه ، ويستحق الألف ، وادعتاه بعد العدة إنكاراً لطلاقه واستحقاق الألف ، فالقول قولهما مع أيمانهما ، ولا شيء عليهما ، لأن الإسلام والعدة منهما ، فكان المرجوع فيهما إلى قولهما والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا قال الرجل لزوجتيه : أنتما طالقتان على إن شئتما ، كان وقوع الطلاق عليهما معلقاً بوجود المشيئة منهما ، ومشيئتهما معتبرة على الفور في وقت الخيار على ما مضى من الوجهين :