الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص75
أحدهما : أنه خلع صحيح ، لأن عقد الطلاق معجل ، وإن كان وقوعه مؤجلاً ، فعلى هذا تكون قبل الشهر زوجة يستبيح الاستمتاع بها ، فإذا جاء رأس الشهر ، طلقت طلاقاً بائناً بالعقد المتقدم ، واستحق جميع الألف بصحة الخلع .
والوجه الثاني : وهو أظهر أنه خلع فاسد لمعنيين :
أحدهما : أن المعتبر بالطلاق حال وقوعه دون عقده ، ألا تراه لو حلف لا يطلق امرأة فقال لها : إن دخلت الدار فأنت طالق لم يحنث بقوله ، فإذا دخلت الدار حنث ، ووقع الطلاق مؤجلاً فصار طلاقاً إلى أجل .
والمعنى الثاني : أنه يصير مالكاً للألف قبل أن تملك نفسها بالطلاق ، فعلى هذا إذا جاء رأس الشهر طلقت طلاقاً بائناً ، سواء قضى عليه برد الألف أم لا ، لأنه طلاق قد انعقدت صفته بالبدل فلم يجد سبيلاً إلى رده فوقع ، والبدل فيه معلوم على قول البغداديين والبصريين ففيما يرجع به عليهما قولان :
أحدهما : مهر المثل .
والثاني : مثل الألف .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا كان له زوجتان فقالتا له طلقنا بألف ، فمن تمام هذا الطلب منهما أن يكون طلاقه على الفور جواباً لهما ، لأنها إجابة يراعى فيها على الفور ، وإن لم يطلقهما حتى تراخى الزمان ، بطل حكم الطلب ، وصار مبتدئاً بالطلاق من غير طلب تقدم ، فإن لم يشرط فيه العوض بل قال : أنتما طالقتان وقع الطلاق رجعياً سواء قبلتاه أم لا ، وسواء بذلتا عليه عوضاً أم لا ، لأنه طلاق مجرد عن غير عوض فيه ، أو طلب تقدمه ، ويكون ما بذلتاه من العوض بعده هبة منهما يراعى فيهما حكم الهبات ولا يرتفع بها الرجعة ، وإن شرط فيه العوض فقال : أنتما طالقتان على ألف فإن قبلتا ذلك منه في الحال وقع الطلاق بائناً بالبذل والقبول ، فاستحق فيه البدل ، وإن لم يقبلاه لم يقع ، لأنه مقيد بشرط لم يوجد ، فإذا ثبتت هذه الجملة وسألتاه أن يطلقهما على الألف فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام :