الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص63
ودليلنا هو أن كل ما لم يجز أن يكون صداقاً في النكاح ، لم يجز أن يكون عوضاً في الخلع كالمحرمات ، ولأنه عقد معاوضة على حمل وجب أن يكون فاسداً كالنكاح والبيع .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا قال لها : إن أعطيتني خمراً أو خنزيراً أو شاة ميتة فأنت طالق ، فأعطته ذلك ، طلقت ، وإن لم تملك الخمر والخنزير لوجود الصفة بدفعه ، فإن قيل : أفليس لو قال لها : إن أعطيتني هذا العبد فأنت طالق ، فأعطته إياه ، وهو مغصوب لم تطلق ، وإن كانت الصفة موجودة ، لأنه لا يصح أن يملكه عنها فهلا كان في الخمر والخنزير لا تطلق بدفعه ، وإن كانت الصفة موجودة ، لأنه لا يملك عنها .
قيل : الفرق بينهما أن العبد مال يجوز أن يملك فصار التمليك فيه مقصوداً ، فجاز أن يصير في الحكم مشروطاً ، وإن منع الشرع من تملكه بالجهالة ، وليس كذلك الخمر والخنزير ، لأنه ليس بمال فلم يصر التملك فيه مقصوداً ، فقوي فيه حكم الطلاق بالصفة ، فإذا ثبت وقوع الطلاق بدفعه وقع بائناً ، وله عليها مهر مثلها .
وقال أبو حنيفة : يقع رجعياً ، ولا شيء له عليها استدلالاً بأن الخمر ليس بعوض فصار مطلقاً لها بغير عوض ، والطلاق بغير عوض يكون رجعياً ، فكذلك بما لا يجوز أن يكون عوضاً .
ولأن خروج البضع من ملك الزوج غير مقوم ولا يكون استهلاكا لمال يستحق قيمته لثلاثة أمور :
أحدها : جواز طلاقه في المرض الذي يمنع فيه من استهلاك ماله ، ولا تكون قيمة البضع معتبرة من ثلاثة كالعطايا ، والهبات .
والثاني : أنها لو قتلت نفساً فاستهلكت على الزوج بضعها لم يستحق الزوج عليها قيمته ، ولو كان مالا لوجب له عليها مهر المثل .
والثالث : أنه لا يجوز لأب الصغيرة أن يخالع عنها بمالها ، ولو كان البضع مالاً لجاز أن يتملكه لها بمالها كما يجوز أن يشتري لها عقاراً .
ودليلنا هو أنه خلع على عوض فاسد فاقتضى وقوع الطلاق فيه أن يوجب الرجوع ببدل البضع .
أصله إذا خالعها على عصير فوجده خمراً .