الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص62
فلو أراد أن يتمسك به معيباً ويرجع بأرشه فإن قيل ؛ لو رده رجع بمهر المثل دون قيمته فليس له ذاك ، وإن قيل : يرجع بقيمته فعلى وجهين :
أحدهما : ليس له ذاك ؛ لأن القدرة على الردة بالعيب تمنع من الرجوع بالأرش .
والوجه الثاني : له ذاك ؛ لأن أخذه مع أرش عينه أقرب من الرجوع بقيمته جميعه ، وخالف البيع الذي لا يوجب رده بالعيب استرجاع قيمته .
والقسم الثاني : أن يكون في غير ملكها ، لأنه عبد لغيرها فلا تطلق بدفعه وإنما كان كذلك ، لأنه لما كان مشروطاً في معاوضة صار حكم المعاوضة شرطاً فيه ، ومن حكم المعاوضة أن يكون في ملكها فصار كأنه قال : إن أعطيتني هذا العبد الذي تملكينه فأنت طالق ، فإذا دفعت العبد ، ولم تكن مالكة له فقد أحد الشرطين فلم يقع به الطلاق .
والقسم الثالث : أن يكون في ملكها لكنها لا تقدر على التصرف فيه فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون منه بحق الرهن فلا يصح به الخلع ، ولا يقع بدفعه الطلاق تغليباً لحكم المعاوضة ، وأن المرهون لا يملك قبل فكاكه بالمعاوضة فصار كغير المملوك .
والضرب الثاني : أن تكون ممنوعة منه بغير حق كالغصب والإباق ففي صحة الخلع به وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أن الخلع عليه لا يصح لأن بيعه لا يصح فجرى مجرى المرهون ، فعلى هذا ، إن أعطته إياه لم تطلق ؛ لأن تملكه بالعطية كالمشروط في العتق بالصفة .
والوجه الثاني : أن الخلع عليه جائز ، لأن اليد الغاصبة يستحق رفعها ، فقصرت عن حكم اليد المرتهنة التي لا يستحق رفعها ، فعلى هذا إن أعطته إياه طلقت ؛ لأنه قد ارتفعت به يد الغصب .
والفرق بين أن يقول : إن أعطيتني عبداً فأنت طالق ، فتطلق بالعبد المغصوب وبين إن أعطيتني هذا العبد فأنت طالق فيكون مغصوباً فلا تطلق ، هو أنه إذا كان مطلقاً لم يملك بالدفع فغلب فيه حكم العتق بالصفة ، وإذا كان معيناً ملك بالدفع فغلب فيه حكم المعاوضة .
وقال أبو حنيفة : الخلع صحيح فإن وضعت ولداً كان للزوج ، وإن لم تضع شيئاً فلا شيء للزوج اعتباراً بالوصية أنها تصح بالحمل فكذلك الخلع .