الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص60
ثم لا يخلو حال تلك الصفات من أحد أمرين أما إن ينفي عنه الجهالة أولا ينفيها عنه ، فإن انتفت عنه الجهالة بتلك الصفات وهو أن يصفه بالصفات المستحقة في السلم التي يصح بها ثبوته في الذمة بأن يذكر جنسه وسنه وقده وحليته ، فإذا استكملت هذه الصفات طلقت به ، وملكه الزوج ؛ وأن الجهالة قد انتفت عنه فصار معلوماً بها فصح أن يكون عوضاً ، فإن وجده معيبا لم يكن له أن يبدله بمثله سليماً ؛ لأنه قد صار بوقوع الطلاق مع انتفاء الجهالة عنه متعيناً بالدفع ، فصار كالمعين بالعقد ، ولو تعين بالعقد لم يكن له إبداله ، كذلك إذا تعين بالدفع ، وإذا لم يكن له بدله فبماذا يرجع عليها فيه قولان :
أحدهما : وهو في القديم بقيمته لو كان سليماً .
والثاني : وهو في الجديد بمهر المثل ، ولو كان قد طلقها على غير موصوف في ذمتها فسلمت إليه العبد على تلك الصفة فوجده معيباً كان له إبداله بسليم لا عيب فيه .
والفرق بينهما أنه إذا كان موصوفاً في الذمة فقد تقدمه وقوع الطلاق فلم يتعين بالعقد ولا صار بوقوع الطلاق به معيناً بالدفع ، فجرى مجرى المال الموصوف في الذمة إذا وجده معيباً أبدله بسليم ، وليس كذلك فيما ذكرناه ؛ لأنه علق وقوع الطلاق به فصار معيناً بالدفع ، فجرى مجرى المعين بالعقد ، وإن وصف العبد بما لا ينفي عنه الجهالة ، ولا يجري في السلم ، فإذا وجدت فيه هذه الصفات طلقت بدفعه ولا يملكه الزوج بجهالته ، ويرجع عليها بمهر المثل قولاً واحداً .
ولو أعطته عبداً لها مغصوباً قال أبو حامد الإسفراييني : لا تطلق ؛ لأنه لا يصح أن يملك بالعقد فأجراه مجرى المكاتب .
والذي أراه أنها تطلق بدفعه تغليباً لحكم الصفة ؛ لأنه لم يخرج عن حكم العبيد فلم يزل عنه اسم العبد ، وقد يجوز المعاوضة عليه من غاصبه وعلى أن المغصوب يخرج بالدفع أن يكون مغصوباً ، فإذا ثبت أنها تطلق مع جهالة العبد بأي عبد دفعته ولا تملكه فله عليها مهر المثل ، ولم يكن إغفال الشافعي لذكره إسقاطاً منه لإيجابه كما توهمه المزني فاحتج بما ذكره من الشواهد الصحيحة وإنما أغفله اكتفاء بما تقدم من بيانه .