پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص47

( فصل : )

ولو قال : أنت طالق إذا أعطيتني ألفاً ، طلقت في الحال ، لأنه مقر أنها أعطته ألفاً على طلاقها ، لأن ( إذا ) تختص بماضي الزمان دون مستقبله ، و ( إذا ) تختص بمستقبل الزمان دون ماضيه ، فإن أنكرته ذلك وطالبته بالألف لزمه ردها ، لأنه مقر بقبضها ومدع استحقاقها فلزمه إقراره ولم يقبل منه دعواه ويقع طلاقه بائناً ، وإن رد الألف لاعترافه به ، وهكذا لو قال : أنت طالق أن أعطيتني ألفاً بفتح الألف ، ولأن أن المفتوحة لماضي الزمان دون مستقبله ( وإن ) بالكسر لمستقبل الزمان دون ماضيه والفرق بينهما كالفرق بين إذ ، وإذا ، فإن طالبته بالألف عند إنكارها للخلع لزمه ردها لاعترافه بأخذها ، وله إحلافها على إنكارها وبالله التوفيق .

( مسألة : )

قال الشافعي : ( ولو قالت له طلقني ثلاثا ولك ألف درهم فطلقها واحدة فله ثلث الألف وإن طلقها ثلاثا فله الألف ) .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا قالت له طلقني ثلاثاً بألف ، فإن طلقها ثلاثاً ، فله جميع الألف ، وإن طلقها واحدة كان له ثلث الألف ، لأن الألف جعلت عوضاً على مقابلة ثلاثة أعداد متساوية فقسطت عليها ، وكان قسط كل واحد منهما ثلث الألف ، فاقتضى أن يستحق بكل طلقة منها ، ثلث الألف ، كما لو أبق منه ثلاثة أعبد فقال من جائني بهم فله دينار فجيء بواحد منهم لزمه ثلث الدينار ، لأن الدينار قابل ثلاثة أعداد متساوية فتقسط عليهم أثلاثاً متساوية .

فإن قيل : أفليس لو قال لها إن أعطيتني ألفاً فأنت طالق ثلاثاً ، فأعطته ثلث الألف لم تطلق بها واحدة ، وإن قابلت ثلث الألف فهلا كان في مسألتنا إذا طلقها واحدة لم تستحق ثلث الألف .

قيل : الفرق بينهما أن المغلب في الخلع من جهة الزوجة حكم المعاوضة ، فجاز أن يقسط العوض على أعداد المعوض ، والمغلب فيه من جهة الزوج حكم الطلاق بالصفة ، والصفة إذا تبعضت لم يتبعض ما علق بها من الطلاق ، ولا يقع إلا بكمالها ، كما لو قال لها : إذا دخلت الدار ثلاثاً فأنت طالق ثلاثاً ، فدخلتها مرة لم تطلق حتى تستكمل دخولها ثلاثا ، فتطلق ثلاثاً ، فصح الفرق بينهما واستحق بالطلقة الواحدة ثلث الألف ، لأنه قد ملكها ثلث ما سألت ، فاستحق عليها ثلث ما بذلت ، وهكذا لو طلقها طلقتين استحق بهما ثلثي الألف ، لأنه قد ملكها ثلثي ما سألت ، فاستحق عليها ثلثي ما بذلت ، فلو طلقها واحدة ونصف طلقت ثنتين ، لأن الطلاق لا يتبعض ، وفي قدر ما يستحقه من الألف وجهان :

أحدهما : ثلثي الألف ، لأنها قد طلقت طلقتين من ثلاث طلقات .