الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص6
قال رسول الله ( ص ) ( المختلعات المنتزعات هن المنافقات ) يعني التي تخالع الزوج لميلها إلى غيره ، إلا أن الخلع جائز ؛ لأن هذا يفضي إلى التباغض والكراهة ، فيكون الخلع جائزاً وهو مكروه من جهتها لا من جهته .
وأما الذي من جهته فهو أن تكون المرأة ذات مال فيضيق الزوج عليها مع قيامه بالواجب لها طمعاً في مالها أن تخالعه على شيء منه فهذا مكروه من جهته لا من جهتها وهو جائز لأن له سبباً يفضي إلى التباغض والكراهة .
وأما القسم الثالث : وهو الفاسد فيكون من وجهين :
أحدهما : أن ينالها بالضرب والأذى حتى تخالعه فيكون الخلع باطلاً لأنه عقد معاوضة عن إكراه فكان كسائر عقود المكروه .
والثاني : أن يمنعها ما تستحقه عليه من النفقة والسكنى والقسم لتخالعه فيكون الخلع مع ذلك باطلاً لأنه يمنع الحق قد صار مكرهاً .
وأما القسم الرابع : وهو المختلف فيه فهو أن تزني يالزوجة فيعضلها ، لتفتدي نفسها منه فالعضل على ثلاثة أقسام :
أحدهما : أن يمنعها النفقة والكسوة الواجبة لها فهذا العضل محظور والخلع معه باطل .
والثاني : أن يقوم بجميع حقوقها ويعضلها بالتضييق عليها حذاراً من الزنا فهذا مباح ، والخلع معه جائز .
والثالث : أن يقم بنفقتها ويعضلها في القسم لها فلا يقسم لها لتفتدي منه نفسها ففي جواز الخلع قولان :
أحدهما : يجوز لقول الله تعالى ( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) [ النساء : 19 ] يعني الزنا فمنعه الله تعالى من العضل لأجل الفدية إلا مع الزنا فكان الظاهر يقتضي جوازه بالعضل مع وجود الزنا ولأنه يمنعها من القسم مع وجود الزنا منها ليحفظ فراشه عن ماء غيره .
والقول الثاني : أن هذا العضل حرام ، وهي على حقها من القسم وامتناعه من القسم لها لا يمنع من لحوق ولدها به ، لوجوده على فراشه ، وأنه قد يقدر بالطلاق على الفراق ، ولأنه لو جاز بهذا المعنى أن يسقط حقها من القسم حتى تخالعه لجاز لأجله إسقاط حقها من النفقة لتخالعه .
فأما الآية ففيها جوابان :