پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص593

قال الماوردي : قد ذكرنا أنه إذا أراد السفر بواحدة منهن أن عليه أن يقرع بينهن فمن قرعت سافر بها لم يقض المقيمات مدة سفره معها ، فأما إن سافر بواحدة من غير قرعة فعليه أن يقضي المقيمات مدة غيبته معها ، وقال أبو حنيفة : لا يقضي استدلالاً بأن القسم يسقط عن المسافر ، ولو وجب عليه القضاء إذا لم يقرع لوجب عليه إذا أقرع كالحضر .

ودليلنا : أن النبي ( ص ) أقرع بين نسائه فلو سقط القضاء في الحالية لم يكن للقرعة معنى ، ولأنه لما افترق وجود القرعة وعدمها في الإباحة افترقا في القضاء ، ولأنه خص إحدى نسائه بمدة يلحقه فيها التهمة فوجب به القضاء كالمقيمة ، وليس لما ادعاه من سقوط القسم عن المسافر لما له من تركهن وجه ، لأن المقيم لو اعتزلهن جاز ، ولا يدل على سقوط القسم عنه كذلك المسافر ، ولأنه لو سافر باثنتين لزمه القسم لهما ولو سقط عنه بالسفر لم يلزمه فإذا ثبت وجوب القضاء عليه فوجوبه يكون بمخالطته للمسافرة وحلولها معه في سفره حيث يحل .

فأما إن اعتزلها في سفره وأفردها بخيمة غير خيمته ، وفي مسكن إذا دخل بلداً غير مسكنه فلا قضاء عليه ، ولا يكون قربه منها في السفر قسماً يقضى كما لا يكون قربها في الحضر قسماً مؤدى ، فلو خالطها شهراً واعتزلها شهراً قضى شهر مخالطتها ولم يقض شهر اعتزالها فإن اختلفوا في المقام والاعتزال ، فالقول قول الزوج مع يمينه .

فصل

ولو سافر بإحدى نسائه بالقرعة إلى بلد قريب ثم سافر منه إلى بلد هو أبعد منه أو على أن مدة سفره شهر فصار أكثر منه جاز ، ولا قضاء عليه ، لأنه سفر واحد قد أقرع فيه ، وليس ينحصر السفر بمدة ومسافة لأنه عوارض السفر .

فصل

ولو تزوج على التي سافر بها زوجة أخرى في سفره خصها بقسم العقد ، لأن معها غيرها ثم استأنف لها قسم المماثلة بينها وبين المسافرة ولا يقضي الباقيات ، إن كان سفره بالواحدة بقرعة ويقضيهن إن سافر بها بغير قرعة .

مسألة

قال الشافعي : ‘ ولو خرج بها مسافراً بقرعةٍ ثم أزمع المقام لنقلةٍ احتسب عليها مقامه بعد الإزماع ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا سافر بواحدة منهن بالقرعة سفر حاجة ثم صار إلى بلد فنوى المقام فيه ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن ينوي المقام فيه مستوطناً له ، فعليه أن يقضي الباقيات مدة مقامه معها بعد نيته إلا أن يعتزلها ، لأنه بالاستيطان قد خرج من حكم السفر .