الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص572
والثاني : أن يريد المقام عند بعضهن فإذا وجب القسم لهن أجبر عليه إن امتنع منه ، فإذا أراد أن يقسم ، وله زوجتان أقرع بينهما في التي يبدأ بالقسم لها فيزول عنه الميل .
فقد روي عن عائشة – رضي الله تعالى عنها – أن النبي ( ص ) كان إذا أراد أن يسافر بواحدة من نسائه أقرع بينهن فأيتهن خرج سهمها سافر بها فلذلك أمرناه بالقرعة لتزول عنه التهمة بالممايلة .
فإذا خرجت قرعت إحداها بدأ بالقسم لها ثم قسم بعدها للثانية من غير قرعة ولو كن ثلاثاً أقرع بعد الأولى بين الثانية والثالثة فإذا خرجت قرعة الثانية قسم بعدها للثالثة من غير قرعة ، ولو كن أربعاً أقرع بع الثانية بين الثالثة والرابعة فإذا خرجت قرعة الثالثة قسم بعدها للرابعة من غير قرعة ، فإذا استقر القسم لهن بالقرعة في النوبة الأولى سقطت القرعة فيما بعدها من النوب ، وترتبن في القسم في كل نوبة تأتي على مرتين بالقرعة في النوبة الأولى .
فلو رتبهن في النوبة الأولى على خياره من غير قرعة لم يستقر حكم ذلك الترتيب فيما بعدها من النوب إلا بقرعة يستأنفها تزول التهمة بها في الممايلة ، ولو أراد أن يستأنف القرعة بينهن في كل نوبة جاز ، وإن لم يجب لما فيه من انتفاء التهمة .
قال الماوردي : وهذا صحيح يلزمه القسم لهن للتسوية بينهن ولا يلزمه جماعهن إذا استقر دخوله بهن وله أن يجامع من شاء منهن ، ولا يلزمه جماع غيرها ، لأن الجماع إنما هو من دواعي الشهوة وخلوص المحبة التي لا يقدر على تكفلها بالتصنع لها قال الله تعالى : ( وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَقَةِ ) ( النساء : 129 ) . قال الشافعي : معناه ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء بما