الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص559
والشرط السادس : أن يصرح بالدعاء ، إما بقول أو مكاتبة أو مراسلة ؛ لأن العرف بجميع ذلك جارٍ وصريح الدعاء أن يقول : أسألك الحضور ، أو يقول : أحب أن تحضر ، أو إن رأيت أن تجملني بالحضور فتلزمه إجابته بهذا القول كله .
فأما إن قال إن شئت أن تحضر فافعل لم تلزمه إجابته .
قال الشافعي : ‘ وما أحب أن يجيب ‘ .
فإن كاتبه رفعة يسأله الحضور بأحد ما ذكرنا من الألفاظ لزمه الإجابة ، فإن نقصه في الخطاب لم يكن ذلك عذراً في التأخير وكذلك لو كان بينهما عداوة أو كان في الوليمة عدو لم يكن معذوراً في التأخير ، وإن راسله برسول وقع في نفسه وصدقه ، لزمته الإجابة سواء كان حراً أو عبداً ، فإن كان غير بالغ نظر فيه ، فإن كان مميزاً لزمته الإجابة بوروده في الرسالة ، وإن كان غير مميز لم يلزم ؛ لأنه لا يحصل ما يقول ولا العادة جارية أن يكون مثله رسولاً ، فإن قال الداعي لرسوله : ادع من رأيت من غير أن يعين له على أحد لم يلزم من دعاه الرسول أن يجيب ؛ لأنه قد يرى أن يدعو من غيره أحب إلى صاحب الطعام .
وأما الشروط التي في المدعو فخمسة شروط :
أحدها : البلوغ .
والثاني : العقل ليكون بالبلوغ والعقل ممن يتوجه عليه حكم الالتزام .
والثالث : الحرية لأن العبد ممنوع من التصرف بحق السيد ، فإن أذن له سيده لزمته الإجابة حينئذ ، وإن كان مكاتباً نظر ، فإن لم يكن حضوره مضراً بكسبه لزمته الإجابة ، وإن كان مضراً لم تلزمه الإجابة إن لم يأذن له السيد ، وفي لزومها بإذنه وجهان فأما المحجور عليه بالسفه فتلزمه الإجابة كالرشيد .
والرابع : أن يكون مسلماً فإن كان ذمياً والداعي مسلم فقد ذكرنا أن الإجابة لا تلزمه وإن كانا ذميين ورضيا بحكمنا أخبرناهما بلزوم الإجابة في ديننا ، وهل يجبر عليه المدعو أم لا ؟ على قولين .
والخامس : أن لا يكون له عذر مانع من مرض أو تشاغل بمرض أو إقامة على حفظ مال أو خوف من عدو على نفس أو مال ، فإن كل هذه وما شاكلها أعذار تسقط لزوم الإجابة فإن اعتذر بشدة حر أو برد نظر ، فإن كان ذلك مانعاً من تصرف غيره كان عذراً في التأخر ، وإن لم يمتنع من تصرف غيره لم يكن عذراً .