الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص558
أحدهما : أنها فرض على كل من دعي إليها أن يجيب ما لم يكن معذوراً بالتأخير لما قدمناه من الدليل .
والوجه الثاني : أنها من فروض الكفاية فإذا أجاب من دعي من تقع به الكفاية سقط وجوبها عن الباقين ، وإلا خرجوا أجمعين ؛ لأن المقصود من الوليمة ظهورها وانتشارها ليقع الفرق فيها بين النكاح والسفاح ، فإذا وجد مقصودها بمن خص سقط وجوبها عمن تأخر .
وإذا كانت الإجابة واجبة على ما وصفنا فلوجوبها شروط تعتبر في الداعي والمدعو فأما الشروط المعتبرة في الداعي فستة شروط :
أحدها : أن يكون بالغاً يصح منه الإذن والتصرف في ماله ، فإن كان غير بالغٍ لم تلزم إجابته ، ولم يجز أيضاً لبطلان إذنه ورد تصرفه .
والشرط الثاني : أن يكون عاقلاً لأن المجنون لفقد تمييزه أسوأ حالاً من الصغير في فساد إذنه ورد تصرفه .
والشرط الثالث : أن يكون رشيداً يجوز تصرفه في ماله ، فإن كان محجوراً عليه لم تلزم إجابته ، فلو أذن له وليه لم تلزم إجابته أيضاً ، لأن وليه مندوب لحفظ ماله لا لإتلافه .
والشرط الرابع : أن يكون حراً ؛ لأن العبد لا يجوز تصرفه فلم تلزم إجابته لفساد إذنه فلو أذن له سيده صار كالحر في لزوم إجابته .
والشرط الخامس : أن يكون مسلماً تلزم موالاته في الدين ، فإن كان الداعي ذمياً لمسلم ففي لزوم إجابته وجهان :
أحدهما : يجب لعموم قول النبي ( ص ) ‘ أجيبوا الداعي ، فإنه ملهوف ‘ .
والوجه الثاني : لا تلزم إجابته ؛ لأنه ربما كان مستخبث الطعام محرماً .
ولأن نفس المسلم تعاف كل طعامه ، ولأن مقصود الطعام التواصل به ، واختلاف الدين يمنع من تواصلهما ، فإن دعا مسلم ذمياً لم تلزمه الإجابة وجهاً واحداً ، لأنه لا يلتزم أحكام شرعنا إلا عن تراضٍ .