پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص541

واستدل من نصر قول أبي حنيفة في أن الخلوة تقتضي كمال المهر ووجوب العدة بقول الله تعالى : ( وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بَهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً ) ولهم من الآية دليلان :

أحدهما : عموم قوله ( فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً ) إلا ما خصه دليل .

والثاني : قوله ( وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ ) قال الفراء : معناه وقد خلا بعضكم ببعض ؛ لأن الفضاء هو الموضع الواسع الخالي ، وقول الفراء فيما تعلق باللغة حجة .

وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من كشف قناع امرأةٍ فقد وجب لها المهر كاملاً ‘ .

وهذا نص .

وروي عن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، أنه قال : ‘ ما ذنبهن إن جاء العجز من قبلكم ‘ .

وروي عن زرارة بن أوفى أنه قال : قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق باباً وأرخى ستراً فقد وجب عليه المهر ، دخل بها أو لم يدخل ، وقد قال النبي ‘ عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ‘ .

ومن القياس : أن النكاح عقد على منفعة فوجب أن يكون التمكين من المنفعة بمنزلة استيفائها في استقرار بدلها كالإجارة ، ولأن التسليم المستحق بالعقد قد وجد من جهتها فوجب أن يستقر العوض لها ، أصله : إذا وطئها .

ولأن المهر في مقابلة الإصابة كما أن النفقة في مقابلة الاستمتاع ، ثم ثبت أن التمكين من الاستمتاع شرط بمنزلة الاستمتاع في استقرار النفقة فوجب أن يكون التمكين من الإصابة بمنزلة الإصابة في استقرار المهر .

والدليل على أن الخلوة لا تتعلق بها حكم في كمال مهر ، ولا وجوب عدة ولا بدء في دعوى قول الله تعالى : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ) والمسيس عبارة عن الوطء لثلاثة معان :

أحدها : أنه مروي في التفسير عن ابن عباس ، وابن مسعود .

والثاني : أن المسيس كناية لما يستقبح صريحه ، وليست الخلوة مستقبحة التصريح فيكنى عنها ، والوطء مستقبح فكني بالمسيس عنه .

والثالث : أن المسيس لا يتعلق به على المذهبين كمال المهر ؛ لأنه لو خلا بها من غير مسيس كمل عندهم المهر ، ولو وطئها من غير خلوة كمل عليه المهر ، ولو مسها من غير خلوة ، ولا وطء لم يكمل المهر ، فكان حمل المسيس على الوطء الذي يتعلق به