الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص531
وإذا ثبت بهدين أنه في مقابلة كل وطء لم يكن تسليمها لبعض الحق مسقطاً لحقها في منع ما بقي ، كمن باع عشرة أثواب فسلم أحدها قبل قبض الثمن كان له حبس باقيها كذلك هاهنا .
قال : ولأنها لم تستوف مهرها مع استحقاق المطالبة فجاز لها أن تمتنع من تسليم نفسها قياساً على ما قبل الوطء .
ودليلنا هو أنه تسليم رضا استقر به العوض فوجب أن يسقط به حق الإمساك قياساً على تسليم المبيع ، ولأن أحكام العقد إذا تعلقت بالوطء اختصت بالوطء الأول وكان ما بعده تبعاً ، وقد رفع الوطء الأول حكم الإمساك في حقه ، فوجب أن يرفعه في حق تبعه كالإحلال .
فأما استدلالهم بأن المهر في مقابلة كل وطء : فنقول : قد استبيح به كل وطء لكنه قد استقر بالوطء الأول فقام فيه مقام كل وطء ، ألا تراها لو ارتدت بعد الوطء الأول لم يؤثر في سقوط المهر وإن لم يستوف كل وطء في النكاح ، ولو عادت إلى الإسلام حل له وطؤها بالمهر المتقدم .
وأما قياسهم على ما قبل الوطء الأول : فالمعنى في الأصل أنها لم تسلم ما استقر به المهر فجرى مجرى البيع قبل التسليم ، وليس كذلك بعد الوطء ؛ لأنها قد سلمت ما استقر به المهر فجرى مجرى المبيع بعد التسليم .