الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص520
– فإن كان العافي هي الزوجة فعفوها هبة محضة لنصف عين مشتركة في يد الموهوب له ، فلا تصح إلا بإحدى لفظتين : الهبة أو التمليك ، ولا تتم إلا بثلاثة أشياء ورابع مختلف فيه وهو البذل ، والقبول ، والقبض ، وأن يمضي عليهما بعده زمان القبض ، وهل يفتقر إلى إذن الزوجة له بالقبض أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : لا يفتقر إلى إذن بالقبض ، لأنه في قبضه .
والقول الثاني : لا بد من إذن بالقبض ، لأنه كان في يده ملكاً لها فلم يزل حكم يده إلا بإذنها .
– وإن كان العافي هو الزوج : ترتب عفوه على اختلاف قوليه فيما ملكه بطلاقه فإن قلنا : إنه ملك به نصف الصداق كان عفوه هبة محضة لمشاع في يده ، فيصح بإحدى لفظتين إما بالهبة ، أو بالتمليك ، ولا يتم إلا بثلاثة أشياء : بالبذل والقبول ، والقبض .
وإن قلنا : إنه ملك بالطلاق أن يتملك نصف الصداق ، كان عفوه إسقاطاً لحقه فيه ، فيصح بإحدى ثمانية ألفاظ مضت ، ولا يفتقر إلى القبول وجهاً واحداً .
فإن كان العافي هي الزوجة : فعفوها هبة محضة لمشاع في يدها فلا يتم إلا بالبذل ، والقبول ، والقبض ، ولها قبل القبض الرجوع .
وإن كان العافي هو الزوج ترتب عفوه على اختلاف قوليه فيما ملكه بطلاقه على ما ذكرنا .
فإن قلنا : إنه ملك نصف الصداق ، كان عفوه هبة محضة لمشاع في يد الموهوب له ، فلا تتم إلا بالبذل ، والقبول ، وأن يمضي زمان القبض . وهل يفتقر إلى إذن بالقبض أم لا ؟ على ما ذكرنا من القولين ، وله الرجوع قبل أن يمضي زمان القبض ، وهل يرجع بعده وقبل الإذن ؟ على القولين .
وإن قلنا : إنه ملك بالطلاق أن يتملك نصف الصداق كان عفوه إسقاطاً يصح بأحد الألفاظ الثمانية ولا يفتقر إلى القبول وجهاً واحداً .
– فإن عفا الزوجان معاً لم يصح عفو الزوجة بحال ، لأن عفوها هبة لا تتم إلا بالقبول ولا يصح عفو الزوج إن جعلناه واهباً لافتقاره إلى القبول ، ويصح عفوه إن جعلناه مسقطاً ، لأن عفوه لا يفتقر إلى قبول .