پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص516

الزوجات ، فكان حمل الخطاب على ما يوجب العموم أولى من حمله على ما يوجب الخصوص .

والخامس قوله : ( وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلْتَّقْوَى ) وهذا الخطاب غير متوجه إلى الولي ، لأن قربه من التقوى أن يحفظ مال من يلي عليه لا أن يعفو عنه ويبرأ منه ، فدل على أنه الزوج دون الولي وهو راجع على ما تقدمه فاقتضى أن يكون المتقدم قبله الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج .

ويدل عليه من طريق السنة : ما رواه ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ ولي عقد النكاح الزوج ‘ وهذا نص .

ولأنه إجماع الصحابة ، روى شريح عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن الذي بيده عقدة النكاح الزوج .

وروى أبو سلمة عن جبير بن مطعم أنه تزوج امرأة من بني فهر فطلقها قبل الدخول بها ، وأرسل إليها صداقها كاملاً ، وقال : أنا أحق بالعفو منها ، لأن الله تعالى يقول : ( أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ) .

وهذا قول صحابيين ، فإن قيل : خالفهما ابن عباس .

قيل : قد اختلف عنه الرواية فتعارضتا وثبت خلافه فصار الإجماع بغيره منعقداً .

ومن طريق الاستدلال أن الزوجين متكافئان فيما أمرا به وندبا إليه ، فلما ندبت الزوجة إلى العفو ترغيباً للرجال فيها اقتضى أن يكون الزوج مندوباً إلى مثله ترغيباً للنساء فيه ، ولأنه لو ملك الأب العفو لملكه غيره من الأولياء ، ولو ملكه في البكر لملكه في الثيب ، ولو ملكه قبل الدخول لملكه بعده ، ولو ملكه بعد الطلاق لملكه قبله ، ولو ملكه في المهر لملكه في الدين .

وتحريره قياساً : أن من لم يملك العفو عن مهرها إذا كانت ثيباً لم يملكه إذا كانت بكراً كالإخوة والأعمام طرداً ، وكالسيد في أمته عكساً .

فإن قيل : فإنما اختص به الأب في البكر لاختصاصه بإجبارها على النكاح .

قيل : قد يملك إجبار المجنونة والبكر ولا يملك العفو عن صداقها ، ولأن من لم يملك العفو عن المهر بعد الدخول لم يملكه قبله ، كالصغيرة طرداً والكبيرة عكساً .

فإن قيل : إنما لم يملكه بعد الدخول لاستهلاك بضعها بالدخول .

قيل : لا فرق في رد عفوه بين ما كان في مقابلة رد بدل كالثمن ، وبين ما كان بغير بدل كالميراث .