الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص515
عنه غير مواجه ، والخطاب إذا عدل به عن المواجهة إلى الكناية اقتضى ظاهره أن يتوجه إلى غير المواجه ، والزوج مواجه فلم تعد إليه الكناية ، والزوجة قد تقدم حكمها ، ولفظ الكناية مذكر فلم يجز أن يعود إليها فلم يبق من يتوجه الخطاب إليه غير الولي .
والدليل الثاني من الآية قوله : ( أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهَ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ) وليس أحد بعد الطلاق بيده عقدة النكاح ، إلا الولي ، لأنه يملك أن يزوجها ، فاقتضى أن يتوجه الخطاب إليه ولا يتوجه إلى الزوج الذي ليس العقد إليه ، ليكون الخطاب محمولاً على الحقيقة من غير إضمار ، ولا يحمل على مجاز وإضمار .
والدليل الثالث من الآية : أن الذي يختص به الولي من النكاح أن يملك عقده ، والذي يختص به الزوج أن يملك الاستمتاع بعده ، فكان حمل الذي بيده عقدة النكاح على الولي الذي يملك عقدة أولى من حمله على الزوج الذي يملك الاستمتاع بعده .
والدليل الرابع من الآية : أن الزوج غارم للباقي من نصف الصداق في حق الزوجة تقبضه الكبيرة وولي الصغيرة فكان توجه العفو إلى مستحق الغرم أولى من توجهه إلى ملتزم الغرم ، ولأن الله تعالى إنما ندب الزوجة إلى العفو لما تحظى به من رغبة الأزواج فيها ، فاقتضى أن يكون ولي الصغيرة مندوباً إلى مثل ما ندبت إليه الكبيرة ليتساويا في عود الحظ إليهما بترغيب الأزواج فيهما .
أحدها : قوله تعالى : ( أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِِِهِ عُقْدَةٌ النِّكَاحِ ) والعقدة عبارة عن الأمر المنعقد ، ومنه حبل معقود ، وعهد معقود ، لما قد استقر عقده ونجز ، والنكاح بعد العقد يكون بيد الزوج دون الولي .
والثاني : أنه أمر بالعفو ، قال الشافعي : وإنما يعفو من ملك والزوج هو المالك دون الولي ، فاقتضى أن يتوجه الخطاب بالعفو إليه لا إلى الولي .
والثالث : أن حقيقة العفو هو الترك ، وذلك لا يصح إلا من الزوج ، لأنه ملك بالطلاق أن يتملك نصف الصداق ، فإذا ترك أن يتملك لم يملك ، فأما الولي فعفوه إما أن يكون هبة إن كان عيناً ، أو إبراءاً إن كان في الذمة فصار حقيقة العفو أخص بالزوج من حمله على المجاز في الولي .
والرابع : أنه إذا توجه بالعفو إلى الزوج كان محمولاً على عمومه في كل زوج مطلق ، وإذا توجه إلى الولي كان محمولاً على بعض الأولياء في بعض الزوجات وهو الأب والجد من بين سائر الأولياء مع الصغيرة البكر التي لم يدخل بها دون سائر