الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص511
فإن قلنا : إنها لا تجب إلا بالتمكين يوماً بيوم ، فضمانها باطل ، لأنه ضمان ما لم يجب وقد يجب بالتمكين ، وقد لا يجب بعده .
وإذا قلنا : إنها وقد وجبت بالعقد جملة وتستحق قبضها بالتمكين يوماً بيوم ، صح ضمانها بشرطين :
أحدهما : أن يكون ضمانه للقوت الذي هو الحب من الحنطة أو الشعير بحسب قوت بلدهم دون الأدم والكسوة ، لأنهما لا يضبطان بصفة ولا يتقدران بقيمة فإن قدرهما الحاكم بقيمة جعلهما دراهم معلومة لم يصح ضمانها أيضاً ، لأنه وإن قومها فهي مقومة لوقتها دون المستقبل ، وقد تزيد القيمة في المستقبل فيكون للزوجة المطالبة بفضل القيمة ، وقد ينقص فيكون للزوج أن ينقصها من القيمة .
والشرط الثاني : أن يكون ضمانه لنفقة المعسر التي لا تسقط عن الزوج باختلاف أحواله وهي مد واحد في كل يوم ، فإن ضمن لها نفقة موسر وهي مدان ، أو نفقة متوسط وهي مد ونصف فالزيادة على نفقة المعسر قد تجب إن أيسر ، وقد لا تجب إن أعسر ، فصار ضمانها ضمان ما لم يجب ، فعلى هذا يكون الضمان فيما زاد على المد في نفقة المعسر باطلاً ، وهل يبطل في المد الذي هو نفقة المعسر أم لا ؟ على قولين من تفريق الصفة ، والله أعلم .
قال الماوردي : وهذه مسألة من الضمان أوردها المزني هاهنا ، لأنه أصل يبنى عليه ضمان النفقة .
وضمان الأموال على ضربين :
أحدهما : ضمان ما وجب .
والثاني : ضمان ما لم يجب .
فأما ضمان ما وجب فضربان : معلوم ومجهول .
فإن كان معلوماً صح . وإن كان مجهولاً بطل .
وأما ضمان ما لم يجب كقوله : من عامل فلاناً وداينه فعلي ضمان دينه .
فمذهب الشافعي : أنه ضمان باطل ، سواء عين المداين أو لم يعينه ، وسواء ذكر للدين قدراً أو لم يذكره ، لأن الضمان لازم إن صح ، وما لم يجب فليس بلازم فلم يصح ضمانه .