الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص504
وقال في الأولى : ولو عقد نكاحا بألف على أن لأبيها ألفاً فالمهر فاسد . وهما في الصورة سواء ، وفي الجواب مختلفان .
فذهب أكثر أصحابنا إلى أن المزني أخطأ في نقل هذه المسألة ، وأن هذا الجواب مسطور للشافعي في الأم في غير هذه المسألة ، وهو أن يتزوجها على ألفين على أن يعطي أباها ألفاً منها ، أو تعطي أباها ألفاً منها ، فإن كانت هي المعطية للألف فهي هبة للأب ، وإن كان هو المعطي للألف احتمل أن تكون هبة للأب ، واحتمل أن تكون وكالة يتولى قبضها الأب فيكون الصداق جائزاً ، لأن جميع الألفين صداق ، ولم يؤثر فيه هذا الشرط ، لأنه لم يشترط لنفسه عليها ، ولا اشترط لها على نفسه .
وإذا لم يكن الشرط على أحد هذين الوجهين لم يؤثر في زيادة الصداق ولا نقصانه ، فسلم من الجهالة ، فلذلك صح .
فأما ما نقله المزني فخطأ ، وجوابه كجواب المسألة الأولى ، لتماثلهما في الصورة . والذي عندي أن نقل المزني صحيح ، وأنه متأول على ما ذكروه ، ومحمول الجواب على ما صوروه ، لأن في لفظ المسألة دليل على هذا التأويل وهو المفرق بينها وبين المسألة الأولى ؛ لأنه قال في هذه ولو تزوجها على ألف وعلى أن يعطي أباها ألفاً ، وقال في الأولى : ولو عقد نكاحها بألف على أن لأبيها ألفاً . فجعل لأبيها في هذه المسألة قبض الألف ، وجعل لأبيها في المسألة الأولى ملك الألف ، فدل على أن الألفين في هذه المسألة صداق للزوجة فلذلك صح ، وفي الأولى إحداهما صداق لها والأخرى للأب ، فلذلك بطل .
ثم يوضح أن نقل المزني صحيح وأنه محمول على هذا التأويل ، ما ذكره في الحكم وبينه من التعليل ، لأنه قال : ولما منعه وأخذها منه ، وليس لها أن تمنع الزوج من دفع ماله ، ولا لها أن تأخذ غير صداقها ، فدل على أن الألفين كانت صداقاً لها ، ثم بين في التعليل فقال : لأنها هبة لم تقبض ، أو وكالة لم تتم ، فدل على أن الشرط كان معقوداً على أن تهب هي من الألفين ألفاً لأبيها ، أو توكله في قبضها فكانت على خيارها في أن تتمم الهبة بالقبض أو ترجع فيها ، أو تتمم الوكالة أو تبطلها .
وقد ذكر الشافعي مثل هذه المسألة في كتاب الأم يريد بها ما ذكرنا من التأويل فقال : ولو أصدقها ألفين على أن يعطي أباها ألفاً وأمها ألفاً كان الكل للزوجة وإنما يكون الكل لها إذا كان الكل صداقاً تكون لها بالتسمية لا بالشرط بخلاف ما قال مالك .