الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص502
إحلافه فيكون القول قوله مع يمينه ، فإن نكل عن اليمين ردت عليها ، وحكم لها إن حلفت .
وإن لم تدع أنه صرح لها بالهبة ، بل قالت : نواها وأرادها ولم يتلفظ بها ، فلا يمين عليه ، لأن الهبة لا تصح بالنية ، فلم يلزمه يمين في دعوى هبة فاسدة .
فإذا جعلنا القول قوله : لم يخل حال ما أقبضها من حالين : إما أن يكون من جنس صداقها ، لأنه دراهم وقد دفع إليها دراهم ، فيكون ذلك بضامن صداقها ، وإما أن يكون من غير جنس صداقها ، لأنه دراهم وقد دفع إليها دنانير فتكون الدنانير له والصداق عليه ولا يقبل قوله في أنها أخذت الدنانير بدلاً من صداقها ، فإن ادعى ذلك عليها أحلفها .
قال الماوردي :
اعلم أن الأب إذا قبض مهر ابنته ، لم يخل حالها من أحد أمرين :
إما أن يكون مولى عليها أو رشيدة .
فإن كان مولى عليها لصغر أو جنون أو سفه : جاز له قبض مهرها ، لاستحقاقه الولاية على مالها ، ولو قبضته من زوجها لم يصح ، ولم يبرأ الزوج منه إلا أن يبادر الأب إلى أخذه منها ، فيبرأ الزوج حينئذ منه .
وإن كانت بالغة عاقلة رشيدة فعلى ضربين :
أحدهما : أن تكون ثيباً لا تجبر على النكاح فليس للأب قبض مهرها إلا بإذنها ، فإن قبضه بغير إذنها لم يبر الزوج منه ، كما لو قبض لا ديناً أو ثمناً .
والضرب الثاني : أن تكون بكراً بجبرها أبوها على النكاح ، فالصحيح أنه لا يملك قبض مهرها إلا بإذنها ، فإن قبضه بغير إذن لم يبر الزوج منه ، وجعل له بعض أصحابنا قبض مهرها لأنه يملك إجبارها على النكاح كالصغيرة .
وقال أبو حنيفة : له قبض مهرها بكراً كانت أو ثيباً ما لم تنهه عنه ، وكلا المذهبين عندنا غير صحيح ، لأن صداقها دين ، فلم يجز أن ينفرد الأب بقبضه مع رشدها كسائر الديون ، ولأن ما لم يملك قبض دينها لم يكن له قبض مهرها كغير الأب من الأولياء ، ولأنه لو ملك القبض بغير إذن لما أثر فيه النهي كحاله مع الصغيرة ، وإذا أثر فيه النهي لم يملكه بغير إذن كالوكيل ، والله أعلم .