الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص499
فإن قيل : إن الأب لا يجوز أن يحالف الزوج في حال صغرها فأولى أن لا يحالفها في حال كبرها .
وإذا قيل : له محالفة الزوج في حال صغرها فأيهما أحق بمحالفة الزوج ؟ فيه وجهان : من اختلاف المعنيين في تعليل هذا الوجه :
أحدهما : أن الأب المباشر للعقد هو المحالف للزوج لفضل مباشرته وتعليلاً بقبول اعترافه .
والوجه الثاني : أن الزوجة المالكة هي المحالفة للزوج دون الأب ، لاختصاصها بالملك وتعليلاً بأن الأب نائب .
وعلى الوجهين معاً : لو امتنع الأب من اليمين جاز لها محالفة الزوج وإنما الوجهان : هل يجوز مع بلوغها أن يحلف الأب ؟ .
وأما المسألة الثانية : وهي اختلاف ورثة الزوجين أو أحدهما وورثة الآخر فقد حكي عن أبي حنيفة أنه إذا طالت صحبة الزوجين وحسنت عشرتهما وذهبت عشيرتهما ثم ماتت الزوجة لم يكن لوارثها مطالبة الزوج بصداقها ، وحكاه عنه أبو الحسن الكرخي من أصحابه .
وعلى مذهب الشافعي وجمهور الفقهاء لوراثها مطالبة الزوج بصداقها وإن طالت صحبتهما لأمرين :
أحدهما : أنه لما جازت مطالبته مع قرب المدة ، جازت مع بعدها كالدين .
والثاني : أنه لما جاز للزوجة مطالبته ، جاز لوارثها مطالبته ، كالمدة القصيرة .
فلذا ثبت أن الصداق باق ، وأن للوارث مطالبة الزوج به ، فاختلفا في قدره جاز أن يتحالفا عليه ، لأن الوارث يقوم مقام موروثه في الاستحقاق فقام مقامه في التحالف فعلى هذا إن تحالف وارثا الزوجين حلفا كتحالف الزوجين إلا في شيء واحد ، وهو أن يمين الزوجين على البت والقطع في النفي والإثبات جميعاً ، ويمين الوارثين على نفي العلم في النفي ، وعلى القطع في الإثبات ، لأن من حلف على فعل نفسه كانت يمينه على القطع في نفيه وإثباته ، ومن حلف على فعل غيره كانت يمينه على العلم في نفيه وعلى القطع في إثباته .
فعلى هذا يحلف وارث الزوج فيقول : والله ما أعلمه تزوجها على صداق ألفين ، ولقد تزوجها على صداق ألف .