الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص491
والثاني : أن معناه استغنت يداك إن ظفرت بذات الدين ويكون تربت من أسماء الأضداد بمعنى الغنى والفقر رأيه في قدر تلك الصفة ، وقسطا من تلك المهور ، فزادها إن كانت الصفة زائدة ، أو نقصها إن كانت الصفة ناقصة ، لأنه قل ما يتساوى صفاتها ، وصفات جميع نساء عصبتها فلم يجد بداً من اعتبار ما اختلفن فيه بما ذكرنا ، والله أعلم .
والثالث : أنها كلمة تقال على ألسنة العرب لا يراد بها حمد ولا ذم كما يقال ما أشجعه قاتله الله وكالذي حكاه الله تعالى عن سارة زوجة إبراهيم حين بشرت بالولد ( قَالَتْ يَا وَيْلَتِي أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً ) ( هود : 72 ) وهي لا تدعو بالويل عند البشرى ولكن كلمة مألوفة للنساء عند سماع ما يعجل من فرح أو حزن ، فإذا وجدت أوصافها التي يختلف بها المهر من يسار عصبتها وكانت مهورهن مقدرة صار مهر مثلها ذلك القدر فإن خالفتهن في إحدى الصفات أشهد الحاكم .
قال الماوردي : وهذا كما قال .
في الحكم بمهر المثل مع اعتبار تلك الأوصاف شرطان :
أحدهما : أن يكون عن نقود الأثمان ، والقيم وهي الدراهم والدنانير ، لأن قيم المتلفات لا تكون إلا منها ، ومهر المثل قيمة متلف ، فعلى هذا لو كان مهر نساء عصبتها إبلاً أو عبيداً ، أو ثياباً قومها بالدراهم أو الدنانير ، وحكم لها بقيمة الإبل ، أو العبيد ، أو الثياب من أغلب النقدين من الدراهم أو الدنانير في أثمان الإبل ، والعبيد دون المهور .
والشرط الثاني : أن لا يحكم به إلا حالاً ، وإن كان نساء عصبتها ينكحن بمهور مؤجلة ، لأن قيمة المتلف لا يتأجل .
فإن قيل : أفليس دية الخطأ مؤجلة ، وهي قيمة متلف ؟ .
قيل : ليست الدية قيمة لكونها مقدرة . والقيمة لا تتقدر ، ولو كانت قيمة لجاز أن تخالف أحكام القيم في التأجيل ، كما خالفتها في وجوبها على غير المتلف من العاقلة ، وإن كانت قيم المتلفات لا تجب إلا على المتلف .
وإذا وجب أن يحكم بها نقداً حالاً وكانت مهورهن مؤجلة نظر :