پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص483

أحدها : أن يترافعا إلى الحاكم ، فيفرض لها الحاكم مهر المثل ، فلا يصح حكمه به إلا بعد علمه بقدره ، كما لا يصح أن يحكم بقيمة متلف إلا بعد علمه بقدر القيمة ، ولا يجوز له أن يزيد على مهر المثل ، فيظلم الزوج ، إلا أن يبذل الزوج الزيادة ، ولا أن ينتقص من مهر المثل فيظلم الزوجة ، إلا أن ترضى الزوجة بالنقصان ، وهل يعتبر مهر المثل وقت العقد ، أو وقت الفرض ؟ فيه وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج ، أنه يعتبر مهر مثلها وقت العقد ، لأن البضع مستهلك بالعقد .

والثاني : وهو قول أبي علي بن خيران ، أنه يعتبر مهر مثلها وقت الفرض ، لأنها ملكته بالفرض دون العقد .

فإذا فرضه الحاكم ، صار كالمسمى بالعقد ، إن طلقت قبل الدخول وجب لها نصفه ، وهذا مما وافق عليه أبو حنيفة ، لأن الحكم إذا نفذ بجائز لم ينقض .

فصل : وأما الثاني

: يجب به مهر المفوضة ، فهو أن يجتمع الزوجان بعد العقد على فرض مهر عن تراض ، فيصير ما فرضاه لازماً كالمسمى ، إن طلقها قبل الدخول وجب لها نصفه .

وقال أبو حنيفة : لا يلزم المهر إلا بعقد ، أو حكم ، ولا يصير لازماً باجتماعهما على فرضه ، فإن طلقها قبل الدخول فلها المتعة احتجاجاً بعموم قول الله تعالى : ( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى المُتَّقِينَ ) ( البقرة : 231 ) .

ولأنهما ملكا التسمية في العقد ، لأنها تصير واجبة بوجوب العقد ، ولم يملكاها بعد العقد ، لأنه لا يصير لها موجباً إلا الحاكم .

ودليلنا قول الله تعالى : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ) ( البقرة : 237 ) . ولم يفرق بين ما فرض لها في العقد ، وبعده ، فوجب حمله على الأمرين ، وإن كان بما بعد العقد أشبه ، ولأن المهر من أعواض العقود ، فكان ثبوته بالمراضاة أولى من ثبوته بالحكم ، كالأثمان ، والأجور ، ولأن كل مهر كمل بالمدخول ينصف بالطلاق قبل الدخول كالمسمى في العقد .

فأما الآية ، فمحمولة على التي لم يفرض لها مهر ، بدليل قوله : ( وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتَّعُوهُنَّ ) ( البقرة : 236 ) .

وأما الاستدلال بالحكم فاجتماعهما على الفرض أبلغ في الالتزام من الحكم ، كما لو اجتمعا على قيمة متلف أو أرش معيب .