الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص481
وأما الجراح أبو سنان ، فقد شهد بذلك مع قومه عند عبد الله بن مسعود في قصة مشهورة . فما ورد ولا ردوا .
وأما إنكار علي رضوان الله عليه فقد كان له في قبول الحديث رأي أن يستحلف المحدث ، ولا يقبل حديثه إلا بعد يمينه وقال : ما حدثني أحد عن رسول الله ( ص ) إلا استحلفته إلا أبو بكر ، وصدق أبو بكر .
وهذا مذهب لا يقول به الفقهاء .
وأما الواقدي فلم يقدح فيه إلا بأنه ورد من الكوفة فلم يعرفه علماء المدينة ، وهذا ليس بقدح ، لأنها من قضايا رسول الله ( ص ) في القبائل التي انتشر أهلها فصاروا إلى الكوفة فرووه بها ثم نقل إلى المدينة ، ومثل هذا كثير في الحديث ، فإن كان هذا الحديث غير صحيح ، فالمهر على قولين .
وإن صح فقد اختلف أصحابنا .
فذهب أبو حامد المروزي وجمهور البصريين إلى وجوب المهر قولاً واحداً ، وهو الظاهر من كلام الشافعي .
وذهب أبو علي بن أبي هريرة وجمهور البغداديين إلى أن وجوب المهر مع صحته على قولين ، لأنه قضية في عين يجوز أن يكون وليها فوض نكاحها فلم يصح التفويض ، أو تكون مفوضة المهر دون البضع ، فإن فرض لها مهر مجهول فلاحتماله مع الصحة كان على قولين .
وأما اعتبار الموت بالدخول : ففي الدخول إتلاف يجب به الغرم بخلاف الموت .
وأما اعتبار التفويض بالمسمى : فالمسمى يجب بالطلاق نصفه فكمل بالموت . والمفوضة لم يجب لها بالطلاق نصفه ، فلم يكمل لها بالموت جميعه .
وأما اعتبار المهر بالعدة : فقد تجب العدة بإصابة السفيه ، وإن لم يجب عليه مهر ، فكذلك الموت في المفوضة .
وقال أبو حنيفة : أوجب المهر للمسلمة ، وأسقط للذمية . وجعل ذلك مبنياً على أصله في أن ثبوت المهر في النكاح حق لله تعالى ، وأهل الذمة لا يؤاخذون بحقوق الله ، ويؤاخذ بها المسلمون . فلذلك سقط مهر الذمية ، لسقوطه من العقد ، ووجب مهر المسلمة لوجوبه في العقد .
وهذا فاسد ، بل المهر من حقوق الآدميين المحضة كالثمن في البيع ، والأجرة في الإجارة لاستحقاقه بالطلب ، وسقوطه بالعفو .