پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص475

نبي الله من نكاح الموهوبة بغير مهر ، ومن حكم الزنا الذي لا يستحق فيه مهر ، فإن قيل فهلا كان التفويض إبراء من المهر ، فلا يجب لها بالدخول مهر ؟ .

قيل : الإبراء إنما يصح مما وجب ، وهذا مهر وجب بالدخول ، فلم يصح الإبراء منه بالعقد .

فإن قيل : أفليس لو بذلت له يدها فقطعها لم يلزمه ديتها ، وهو إبراء قبل الوجوب ، فهلا إذا بذلت له بضعها صح أن يكون إبراء قبل الوجوب ؟

قيل : الفرق بينهما أن إذنها بقطع اليد نيابة عنها ، لأنه يصح منها أن تتولى قطع يدها بنفسها ، فصارت كالقاطعة ليدها بنفسها ، فلذلك سقط عنه الغزم ، وليس البضع كذلك ، لأنه لا يصح منها الاستمتاع ببضع نفسها فصار الزوج مستمتعاً به في حق نفسه لا في حقها ، فلذلك لم يبرا بالإذن من مهرها .

فإن قيل : فهلا وجب بهذا التعليل مهر الزانية على الزاني ؟ .

قيل : لأن الزنا مغلط بالحد ليكون زاجراً عنه فغلظ بسقوط المهر ، ولو وجب لها المهر بالزنا لدعاها ذلك لفعل الزنا ، فحسمت هذه الذريعة بسقوط المهر ، كما حسمت بوجوب الحد .

مسألة

قال الشافعي : ‘ وإن لم يصبها حتى طلقها فلها المتعة وقال في القديم بدلاً من العقدة ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال : المفوضة لبضعها إذا طلقها الزوج قبل الدخول ، فلا مهر لها ، لسقوطه بالعقد وهو اتفاق ، ولها المتعة عندنا .

وبه قال الأوزاعي : وحماد بن أبي سليمان ، وأبو حنيفة ، وصاحباه .

وقال مالك : لا متعة لها ، وبه قال شريح ، والليث بن سعد ، وابن أبي ليلى ، والحكم استدلالاً بقول الله تعالى : ( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى المُتَّقِينَ ) ( البقرة : 241 ) . فلما جعله بالمعروف على المتقين ، وقال في موضع آخر : ( عَلَى المُحْسِنِينَ ) ( البقرة : 236 ) . دل على استحبابه دون وجوبه .

ولأن ما وقعت به الفرقة لم يجب به المتعة كالموت ، ولأن الطلاق مؤثر في سقوط المال دون إلزامه ، كالمسمى لها إذا طلقت قبل الدخول بها .

ودليلنا : قول الله تعالى : ( وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى المُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حقًّا عَلَى المُحْسِنِينَ ) ( البقرة : 236 ) .

إحداهن : قوله : ‘ ومتعوهن ‘ وهذا أمر يقتضي الوجوب .

والثانية : قوله : ( عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِرِ قَدَرُهُ ) وذلك في الواجبات دون التطوع .