الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص469
فعلى هذا ، إذا قلنا بقوله في الجديد : أن الصداق لازم للابن فهو المأخوذ به في الصغر والكبر دون الأب .
وإذا قلنا بقوله في القديم : أنه لازم للأب فقد اختلف أصحابنا هل يلتزمه الأب التزام تحمل ، أو التزام ضمان ؟ على وجهين :
أحدهما : التزام تحمل ، فعلى هذا يكون الابن بريئاًَ منه ، ولو أبرئ الابن منه لم يبرأ الأب .
والوجه الثاني : التزام ضمان ، فعلى هذا يكون ثابتاً في ذمة الابن وإن ابرئ منه برئ الأب .
إما أن يكون من مال الابن ، أو من مال الأب .
فإذا كان من مال الابن فحكمه فيه كحكمه لو تزوج بالغاً ثم طلق قبل الدخول على ما مضى .
وإن كان من مال الأب : فلا يخلو ماله من أحد أمرين :
إما أن يكون قد سلمه إلى الزوجة قبل طلاقها ، أو لم يسلمه إليها ، فإن كان قد سلمه إليها : فقد ملك الابن نصفه دون الأب ، لأنه مملوك بالطلاق فاقتضى أن يكون ملك المطلق دون غيره .
فعلى هذا : إذا استرجع الابن نصف الصداق ، فلا يخلو حاله من أحد أمرين ، إما أن يسترجعه بعينه ، أو يسترجع بدله .
فإن استرجع بدله لتلفه في يدها ، فليس للأب أن يرجع به على الابن ، لأنه غير العين التي وهبها .
وإن استرجع الابن ما دفعه الأب بعينه فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون الصداق معيناً وقت العقد كعبد ، أو ثوب ، جعله صداقاً عن الابن ، ففي رجوع الأب به على الابن وجهان ، مبنيان على اختلاف وجهي أصحابنا في الأب إذا وهب لابنه مالاً فخرج عن ملكه ثم عاد إليه ، هل للأب أن يرجع به أم لا ؟ على وجهين : كذلك هاهنا ، لأنها هبة للأب صارت إلى الزوجة ثم عادت إلى الابن .
والضرب الثاني : أن يكون الصداق في الذمة فدفعه الأب إلى الزوجة فرجوع الأب به على الابن إذا عاد إليه بطلاقه مبني على اختلاف قوليه هل كان لازماً للأب أم لا ؟
فإن قلنا : كان لازماً للأب لم يكن له الرجوع به ، سواء قيل : إنه يلزمه تحملاً أو ضامناً ، لأنه دفع واجباً عليه فخرج عن حكم الهبات .