الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص460
كل واحد منهما على انفراده ، كعقد جمع بيعاً وإجارة ، أو بيعاً وصرفاً ، أو بيعاً وكتابة ، أو بيعاً ونكاحاً . ففيه للشافعي قولان ذكرناهما في كتاب البيوع :
أحدهما : أنه صحيح فيهما لأمرين :
أحدهما : أنه لما صح إفرادهما ، صح الجمع بينهما كالبيعتين والإجارتين .
والثاني : أن اختلاف حكمهما لا يمنع من الجمع بينهما في عقد واحد ، كما لو ابتاع في عقد شقصاً يجب فيه الشفعة وعرضاً لا تجب فيه الشفة وكما لو اتباع عبدين أحدهما أبوه يعتق عليه الشراء والآخر أجنبي لا يعتق عليه بالشراء .
والقول الثاني : أن العقد باطل فيهما لأمرين :
أحدهما : أن العقد الواحد له حكم واحد ، فإذا جمع ما يختلف حكمه تنافى ، فيبطل كما لو قال : بعتك عبدي واشترته منك .
والثاني : أن مقابلة العوض لهما مفض إلى جهالة العوض فيما يقابل كل واحد منهما . وإذا كان عوض العقد مجهولاً بطل .
أما إذا جمع بيعاً وإجارة فهو أن يقول بعتك عبدي هذا ، أو أجرتك داري هذه سنة بألف ، فالبيع يثبت فيه خيار المجلس بالعقد ، وخيار الثلاث بالشرط ، والإجارة لا يثبت فيها خيار الشرط ، واختلف أصحابنا في ثبوت خيار العقد .
وإذا كان كذلك فأحد القولين : أنهما باطلان ، فعلى هذا يترادان .
والقول الثاني : أنهما جائزان فعلى هذا ينظر قيمة العبد ، فإذا قيل : خمسمائة ، نظر أجرة مثل الدار سنة ، فإذا قيل مائة علم أن أجرة الدار من الألف سدسها ، وثمن العبد من الألف خمسة أسداسها .
– وأما إذا جمع العقد بيعاً وصرفاً فهو أن يبيعه ثوباً وديناراً بمائة درهم . فما قابل الثوب بيع ، وما قابل الدينار منها صرف والبيع لا يلزم إلا بالتفريق ، والصرف يبطل إن لم يتقابضا قبل التفرق .
فأحد القولين : أنه باطل فيهما ويتراجعان .
والثاني : أنه جائز فيهما ويقسط المائة على قيمتها .
– وأما إذا جمع بيعاً وكتابة فهو أن يقول : بعتك عبدي هذا وكاتبتك على نجمين بألف .
فإن قيل بأن اختلاف الحكمين يبطل العقد ، فالعقد في البيع والكتابة باطل .
وإذا قيل بأن اختلاف الحكمين لا يبطل العقد ، فالعقد في البيع باطل ، لأنه باع عبده على عبده .