الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص450
والثاني : أنه لما كان الصداق في مقابلة البضع وكان ملك الزوج على البضع مستقراً قبل القبض ، ولا يفسد العقد عليه لو تلف وجب أن يكون ملك الزوجة للصداق مستقراً قبل القبض ولا يفسد العقد عليه إن تلف .
والقول الثاني : قاله في الجديد واختاره المزني : أن الصداق قد بطل من العقد بتلفه قبل القبض ، ولها مهر المثل دون قيمته .
ودليله شيئان :
أحدهما : أن الصداق عوض تعين في عقد معاوضة فوجب أن يبطل بتلفه قبل القبض ، ويستحق الرجوع بالمعوض دون العوض كالبيع ، وهو أن يبيع الرجل عبداً بثوب يسلمه ويتلف الثوب قبل أن يتسلمه فيكون له الرجوع بعبده لا بقيمة الثوب الذي في مقابلته . كذلك تلف الصداق كان يقتضي تلفه الرجوع بالبضع الذي في مقابلته ، لكنه لما تعذر الرجوع به للزوم العقد منه وجب الرجوع ببدله ، وليس له مثل فوجب الرجوع بقيمته وقيمته مهر المثل .
والثاني : أنه لما كان بطلان الصداق بجهالته أو تحريمه يوجب الرجوع بمهر المثل ودون القيمة وجب أن يكون بطلانه بالتلف بمثابته في الرجوع بمهر المثل دون قيمته .
فإن قلنا بالقديم : إن الرجوع بالقيمة دون المهر : فله حالان :
أحدهما : أن يمنعها منه بغير عذر حتى يتلف في يده فيكون عليه قيمته أكثر ما كان قيمة من وقت المنع إلى وقت التلف إن لم يكن قيمته قبل ذلك أكثر ، لأنه بالمنع قد صار غاصباً فوجب أن يضمنه ضمان الغصب .
والحال الثانية : أن لا يكون منه منع ولا منها طلب . ففي كيفية ضمانه قولان :
أحدهما : أنه يضمنه ضمان عقد .
والقول الثاني : ضمان غصب .
فإذا قيل ضمان عقد : فعليه قيمته يوم أصدق .
وقال أبو حامد الإسفراييني عليه قيمته يوم تلف .
وهذا خطأ ، لأن نقصانه بعد العقد مضمون عليه فوجب أن تلزمه قيمته وقت العقد .
وإذا قيل : يضمنه ضمان العيب فعليه قيمته أكثر ما كانت من وقت العقد إلى وقت التلف في يديه .
وهل يلزمه أكثر ما كانت قيمته في سوقه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يضمنها كالمغصوب ، فعلى هذا يضمن زيادة البدن ، وزيادة السوق .